ولنا ما روى الإمام أحمد حدثنا يحيي بن سعيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبيد الله بن عدي بن الخيار عن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألاه الصدقة فصعد فيهما البصر فرأهما جلدين فقال (إن شئتما أعطيتكما، ولاحظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب) قال احمد: ما أجوده من حديث وقال هو أحسنها اسنادا وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي) رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح إلا أن احمد قال: لا أعلم فيه شيئا يصح، قيل فحديث سالم بن أبي الجعد عن أبي هريرة قال:
سالم يسمع من أبي هريرة. ولان له ما يغنيه عن الزكاة فلم يجز الدفع إليه كمالك النصاب (الثالث) أن من ملك نصابا زكائيا لا تتم به الكفاية من غير الأثمان فله الاخذ من الزكاة. قال الميموني:
ذاكرت أبا عبد الله فقلت: قد تكون للرجل الإبل والغنم تجب فيها الزكاة وهو فقير ويكون له أربعون شاة، وتكون لهم الضعيفة لا تكفيه فيعطى من الصدقة؟ قال نعم وذكر قول عمر: أعطوهم وإن راحت عليهم من لابل كذا وكذا، قلت فهذا قدر من العدد أو الوقت، قال لم أسمعه. وقال في رواية محمد بن الحكم: إذا كان له عقار يشغله أو ضيعة تساوي عشرة آلاف أو أقل أكثر لا تقيمه يأخذ من الزكاة وهذا قول الشافعي. وقال أصحاب الرأي: ليس له أن يأخذ منها إذا ملك نصابا زكاتيا لأنه تجب عليه الزكاة فلم تجب له للخبر ولنا أنه لا يملك ما يغنيه، ولا يقدر على كسب ما يكفيه، فجاز له الاخذ من الزكاة كما لو كان ما يملك لا تجب فيه الزكاة، ولان الفقر عبارة عن الحاجة قال الله تعالى (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله) أي المحتاجون إليه. وقال الشاعر:
فيارب اني مؤمن بك عابد * مقر بزلاتي إليك فقير وقال آخر: * واني إلى معروفها لفقير * وهذا محتاج فيكون فقيرا غير غني، ولأنه لو كان ما يملكه لا زكاة فيه لكان فقيرا ولا فرق في دفع الحاجة بين المالين، وقد سمى الله تعالى الذين لهم سفينة في البحر مساكين فقال تعالى (أما