حتى يدركوه ويتشهدوا ثم يسلم بهم. وقال مالك: يتشهدون معه، فإذا سلم الإمام قاموا فقضوا ما فاتهم كالمسبوق، وما ذكرناه أولى لقول الله تعالى (ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك) وهذا يدل على أن صلاتهم كلها معه وفي حديث سهل أن النبي صلى الله عليه وسلم قعد حتى صلى الذين خلفه ركعة ثم سلم. رواه أبو داود، وروي أنه سلم بالطائفة الثانية، ولان الأولى أدركت معه فضيلة الاحرام فينبغي أن يسلم بالثانية ليسوي بينهم، وبهذا قال مالك والشافعي: إلا فيما ذكرنا من الاختلاف. وقال أبو حنيفة:
يصلي كما روى ابن عمر قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بإحدى الطائفتين ركعة وسجدتين والطائفة الأخرى مواجهة العدو، ثم انصرفوا وقاموا في مقام أصحابهم مقبلين على العدو وجاء أولئك ثم صلى لهم النبي صلى الله عليه وسلم ركعة ثم سلم، ثم قضى هؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة.
متفق عليه: وقال أبو حنيفة: يصلي بإحدى الطائفتين ركعة والأخرى مواجهة للعدو، ثم تنصرف التي صلت معه إلى وجه العدو وهي في صلاتها، ثم تجئ الطائفة الأخرى فتصلي مع الإمام الركعة الثانية ثم يسلم الإمام وترجع الطائفة إلى وجه العدو وهي في الصلاة، ثم تأتي الطائفة الأولى إلى موضع صلاتها فتصلي ركعة منفردة ولا تقرأ فيها لأنها في حكم الائتمام ثم تنصرف إلى وجه العدو، ثم تأتي الطائفة الأخرى إلى موضع الصلاة فتصلي الركعة الثانية منفردة وتقرأ فيها لأنها قد فارقت الإمام بعد فراغه من الصلاة فحكمها حكم المسبوق إذا فارق إمامه. قال: وهذا أولى لأنكم جوزتم للمأموم فراق إمامه قبل فراغه من الصلاة وهي الطائفة الأولى، وللثانية فراقه في الافعال فيكون جالسا وهم قيام يأتون بركعة وهم في إمامته ولنا ما روى صالح بن خوات عمن صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صلت معه، وطائفة وجاه العدو فصلى بالتي معه ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا وصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم. رواه مسلم وروى سهل بن أبي حثمة مثل ذلك والعمل بهذا أولى لأنه أشبه بكتاب الله تعالى وأحوط للصلاة والحرب، أما موافقة الكتاب فإن قول الله تعالى (ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك) يقتضي أن جميع صلاتها معه، وعنده تصلي معه ركعة فقط، وعندنا جميع صلاتها معه إحدى الركعتين توافقه في أفعاله وقيامه، والثانية تأتي بها قبل سلامه ثم تسلم معه، ومن مفهوم قوله (لم يصلوا) أن الطائفة الأولى قد صلت جميع صلاتها، وعلى قولهم لم تصل إلا بعضها،