ولم يترك منه شئ لأنه إنما ترك لهم في الثمرة شئ لكون النفوس تتوق إلى أكلها رطبة والعادة جارية به، وفي الزرع إنما يؤكل شئ يسير لا وقع له (فصل) ولا يخرص الزيتون ولا غير النخل والكرم لأن حبه متفرق في شجرة مستور بورقة ولا حاجة بأهله إلى أكله بخلاف النخل والكرم، فإن ثمرة النخل مجتمعة في عذوقه والعنب في عناقيده فيمكن أن يأتي الخرص عليه، والحاجة داعية إلى أكلهما في حال رطوبتهما، وبهذا قال مالك، وقال الزهري والأوزاعي والليث: يخرص لأنه ثمر تجب فيه الزكاة فيخرص كالرطب والعنب ولنا أنه لا نص في خرصه ولا هو في معنى المنصوص فيبقى على الأصل (فصل) ووقت الاخراج للزكاة بعد التصفية في الحبوب والجفاف في الثمار لأنه أوان الكمال وحال الادخار والمؤنة التي تلزم الثمرة إلى حين الاخراج على رب المال لأن الثمرة كالماشية ومؤنة الماشية وحفظها ورعيها، والقيام عليها إلى حين الاخراج على ربها كذا ههنا، فإن أخذ الساعي الزكاة قبل التجفيف فقد أساء ويرده إن كان رطبا بحاله، وإن تلف رد مثله وإن جففه وكان قدر الزكاة فقد استوفى الواجب وإن كان دونه أخذ الباقي، وإن كان زائدا رد الفضل، وإن كان المخرج لهارب المال لم يجزه ولزمه اخراج الفضل بعد التجفيف لأنه أخرج غير الفرض فلم يجزه كما لو أخرج الصغيرة من الماشية عن الكبار (فصل) وإن احتيج إلى قطع الثمرة قبل كمالها خوفا من العطش أو لضعف الجمار جاز قطعها لأن حق الفقراء إنما يجب على طريق المواساة فلا يكلف الانسان من ذلك ما يهلك أصل ماله، ولان
(٥٧٢)