وأبي ثور لأنه إمام في الجمعة فاشترط حضوره الخطبة كما لو لم يستخلف والثانية لا يشترط وهو قول الأوزاعي والشافعي لأنه ممن تنعقد به الجمعة فجاز أن يؤم فيها كما لو حضر الخطبة وقد روي عن أحمد رحمه الله أنه لا يجوز الاستخلاف لعذر ولا غيره قال في رواية حنبل في الإمام إذا أحدث بعد ما خطب فقدم رجلا يصلي بهم لم يصل بهم إلا أربعا الا أن يعيد الخطبة ثم يصلي بهم ركعتين وذلك لأن هذا لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من خلفائه والأول المذهب (فصل) ومن سنن الخطبة أن يقصد الخطيب تلقاء وجهه لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ولأنه أبلغ في سماع الناس وأعدل بينهم فإنه لو التفت إلى أحد جانبيه لاعرض عن الجانب الآخر ولو خالف هذا واستدبر الناس واستقبل القبلة صحت الخطبة لحصول المقصود بدونه فأشبه ما لو أذن غير مستقبل القبلة ويستحب أن يرفع صوته ليسمع الناس، قال جابر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم ويقول (أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة) ويستحب تقصير الخطبة لما روى عمار قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ان طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة) وقال جابر بن سمرة كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم وكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا روى هذه الأحاديث كلها مسلم وعن جابر بن سمرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطيل الموعظة يوم الجمعة إنما هي كلمات يسيرات رواه أبو داود ويستحب أن يعتمد على قوس أو سيف أو عصى لما روى الحكم بن حزن الحلفي قال وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقمنا أياما شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام متوكئا على عصى أو قوس فحمد الله وأثنى عليه كلمات طيبات حفيفات مباركات رواه
(١٥٥)