(فصل) ويجوز أن يتولى الانسان تفرقة الخمس بنفسه وبه قال أصحاب الرأي وابن المنذر لأن عليا أمر واجد الكنز بتفرقته على المساكين قاله الإمام أحمد ولأنه أدى الحق إلى مستحقه فبرئ منه كما لو فرق الزكاة وأدى الدين إلى ربه، ويتخرج أن لا يجوز ذلك لأن الصحيح انه فيئ فلم يملك تفرقته بنفسه كخمس الغنيمة وبهذا قال أبو ثور قال: وان فعل ضمنه الإمام. قال القاضي وليس الإمام رد خمس الركاز لأنه حق مال فلم يجز رده على من وجب كالزكاة وخمس الغنيمة وقال ابن عقيل يجوز لأنه روى عن عمر انه رد بعضه على واجده ولأنه فيئ فجاز رده أو رد بعضه على واجده كخراج الأرض وهذا قول أبي حنيفة (مسألة) قال (وإذا أخرج من المعادن من الذهب عشرين مثقالا أو من الورق مائتي درهم أو قيمة ذلك من الزئبق والرصاص والصفر أو غير ذلك مما يستخرج من الأرض فعليه الزكاة من وقته) اشتقاق المعدن من عدن في المكان يعدن إذا أقام به ومنه سميت جنة عدن لأنها دار إقامة وخلود. قال أحمد المعادن هي التي تستنبط ليس هو شئ دفن والكلام في هذه المسألة في فصول أربعة:
(أحدها) في صفة المعدن الذي يتعلق به وجوب الزكاة وهو كل ما خرج من الأرض مما يخلق فيها من غيرها مما له قيمة كالذي ذكره الخرقي ونحوه من الحديد والياقوت والزبرجد والبلور والعقيق والسبج والكحل والزاج والزرنيخ والمغرة وكذلك المعادن الجارية كالقار والنفط والكبريت ونحو ذلك. وقال مالك والشافعي لا تتعلق الزكاة إلا بالمذهب والفضة لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا زكاة في حجر) ولأنه مال يقوم بالذهب والفضة مستفاد من الأرض أشبه الطين الأحمر. وقال أبو حنيفة في إحدى الروايتين عنه تتعلق الزكاة بكل ما ينطبع كالرصاص والحديد والنحاس دون غيره ولنا عموم قوله تعالى (ومما أخرجنا لكم من الأرض) ولأنه معدن فتعلقت الزكاة بالخارج منه كالأثمان ولأنه مال لو غنمه وجب عليه خمسة، فإذا أخرجه من معدن وجبت الزكاة كالذهب.
وأما الطين فليس بمعدن لأنه تراب والمعدن ما كان في الأرض من غير جنسها