فيها من غير عينها فيجب أن لا تنقص زكاتها أيضا في الأحوال كلها، قلنا إذا أدى عن خمس وعشرين أكبر من بنت مخاض جاز فقد أمكن تعلق الزكاة بعينها لامكان الأداء بخلاف عشرين من الإبل فإنه لا يقبل منه واحدة منها فافترقا (فصل) الحكم الثاني أن الزكاة تجب بحلول الحول سواء تمكن من الأداء أو لم يتمكن وبهذا قال أبو حنيفة وهو أحد قولي الشافعي وقال في الآخر التمكن من الأداء شرط فيشترط للوجوب ثلاثة أشياء الحول والنصاب والتمكن من الأداء، وهذا قول مالك حتى لو أتلف الماشية بعد الحول قبل إمكان الأداء لا زكاة عليه إذا لم يقصد الفرار من الزكاة لأنها عبادة فيشترط لوجوبها امكان أدائها كسائر العبادات ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول) فمفهومه وجوبها عليه إذا حال الحول ولأنه لو لم يتمكن من الأداء حتى حال عليه حولان وجبت عليه زكاة الحولين ولا يجوز وجوب فرضين في نصاب واحد في حال واحد، وقياسهم ينقلب عليهم فإننا نقول هذه عبادة فلا يشترط لوجوبها امكان أدائها كسائر العبادات فإن الصوم يجب على الحائض والمريض العاجز عن أدائه والصلاة تجب على المغمى عليه والنائم ومن أدرك من أول الوقت جزءا ثم جن أو حاضت المرأة والحج يجب على من أيسر في وقت لا يتمكن من الحج فيه أو منعه من المضي مانع ثم الفرق بينهما أن تلك عبادات بدنية يكلف فعلها ببدنه فأسقطها تعذر فعلها، وهذه عبادة مالية يمكن ثبوت الشركة للمساكين في ماله والوجوب في ذمته مع عجزه عن الأداء كثبوت الديون في ذمته المفلس وتعلقها بماله بجنايته (فصل) الثالث أن الزكاة لا تسقط بتلف المال فرط أو لم يفرط هذا المشهور عن أحمد وحكى عنه الميموني انه ان تلف النصاب قبل التمكن من الأداء سقطت الزكاة عنه وان تلف بعده لم تسقط وحكاه ابن المنذر مذهبا لأحمد وهو قول الشافعي والحسن بن صالح وإسحاق وأبي ثور وابن المنذر وبه قال مالك إلا في الماشية فإنه قال لا شئ فيها حتى يجئ المصدق فإن هلكت قبل مجيئه فلا شئ عليه
(٥٣٩)