به في القرب وسماع الخطبة فلا بأس، وإن انتقل إلى ما دونه كره له لأنه يؤثر على نفسه في الذين. ويحتمل أن لا يكره لأن تقديم أهل الفضل إلى ما يلي الإمام مشروع، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم (ليليني منكم أولوا الأحلام والنهى) ولو آثر شخصا بمكانه لم يجز لغيره أن يسبقه إليه لأن الحق للجالس آثر به غيره فقام مقامه في استحقاقه كما لو بحجر مواتا أو سبق إليه ثم آثر غيره به. وقال ابن عقيل نحو ذلك لأن القائم أسقط حقه بالقيام فبقي على الأصل فكان السابق إليه أحق به كمن وسع لرجل في طريق فمر غيره وما قلنا أصح، ويفارق التوسعة في الطريق لأنها إنما جعلت للمرور فيها، فمن أنتقل من مكان فيها لم يبق له فيها حق يؤثر به، وليس كذلك المسجد فإنه للإقامة فيه ولا يسقط حق المنتقل من مكانه إذا انتقل لحاجة، وهذا إنما انتقل مؤثرا لغيره فأشبه النائب الذي بعثه انسان ليجلس في موضع يحفظ له، ولو كان الجالس مملوكا لم يكن لسيده أن يقيمه لعموم الخبر ولان هذا ليس بمال وهو حق ديني فاستوى هو وسيده فيه كالحقوق الدينية كلها والله أعلم (فصل) وإن فرش مصلى له في مكان ففيه وجهان: أحدهما يجوز رفعه والجلوس في موضعه لأنه لا حرمة له، ولان السبق بالأجسام لا بالأوطئة والمصليات، ولان تركه يفضي إلى أن صاحبه يتأخر ثم يتخطى رقاب المصلين ورفعه ينفي ذلك. والثاني لا يجوز لأن فيه افتياتا على صاحبه ربما أفضى إلى الخصومة ولأنه سبق إليه فكان كمحتجر الموات
(٢٠٦)