وجملة ذلك أن المسبوق بتكبير الصلاة في الجنازة يسن له قضاء ما فاته منها، وممن قال يقضي ما فاته سعيد بن المسيب وعطاء والنخعي والزهري وابن سيرين وقتادة ومالك والثوري والشافعي وإسحق وأصحاب الرأي فإن سلم قبل القضاء فلا بأس هذا قول ابن عمر والحسن وأيوب السختياني والأوزاعي قالوا لا يقض ما فات من تكبير الجنازة قال أحمد إذا لم يقض لم يبال. العمري عن نافع عن ابن عمر أنه لا يقضي وإن كبر متتابعا فلا بأس كذا قال إبراهيم، وقال أيضا يبادر بالتكبير قبل أن يرفع وقال أبو الخطاب إن سلم قبل أن يقضيه فهل تصح صلاته؟ على روايتين، إحداهما لا تصح وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي لقوله عليه السلام (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) وفي لفظ (فاقضوا) وقياسا على سائر الصلوات.
ولنا قول ابن عمر ولم يعرف له في الصحابة مخالف، وقد روي عن عائشة أنها قالت يا رسول الله اني أصلي على الجنازة ويخفي علي بعض التكبير قال (ما سمعت فكبري وما فاتك فلا قضاء عليك) وهذا صريح، ولأنها تكبيرات متواليات حال القيام فلم يجب قضاء ما فاته منها كتكبيرات العيد، وحديثهم ورد في الصلوات الخمس بدليل قوله في صدر الحديث (ولا تأتوها وأنتم تسعون) وروي أنه سعى في جنازة سعد حتى سقط رداؤه عن منكبيه فعلم أنه لم يرد بالحديث هذه الصلاة ثم الحديث الذي رويناه أخص منه فيجب تقديمه والقياس على سائر الصلوات لا يصح لأنه لا يقضي في شئ من الصلوات التكبير المنفرد، ثم يبطل بتكبيرات العيد، إذا ثبت هذا فإنه متى قضى أتى بالتكبير متواليا لا ذكر معه كذلك قال أحمد وحكاه عن إبراهيم قال يبادر بالتكبير متتابعا وان لم يرفع قضى ما فاته، وإذا أدرك الإمام في الدعاء على الميت تابعه فيه فإذا سلم الإمام كبر وقرأ الفاتحة ثم كبر وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وكبر وسلم، وقال الشافعي متى دخل المسبوق في الصلاة ابتدأ الفاتحة ثم أتى بالصلاة في الثانية. ووجه الأول أن المسبوق في سائر الصلوات يقرأ فيما يقضيه الفاتحة وسورة على صفة ما فاته فينبغي أن يأتي هاهنا بالقراءة على صفة ما فاته والله أعلم (فصل) قال وإذا أدرك الإمام فيما بين تكبيرتين فعن أحمد أنه ينتظر الإمام حتى يكبر معه وبه قال أبو حنيفة والثوري وإسحق لأن التكبيرات كالركعات، ثم لو فاتته ركعة لم يتشاغل بقضائها كذلك إذا فاتته تكبيرة، والثانية يكبر ولا ينتظر وهو قول الشافعي لأنه في سائر الصلوات متى أدرك الإمام كبر معه ولم ينتظر وليس هذا اشتغالا بقضاء ما فاته وإنما يصلي معه ما أدركه فيجزيه ذلك كالذي يكبر عقيب تكبير الإمام أو يتأخر عن ذلك قليلا. وعن مالك كالروايتين، قال ابن المنذر سهل أحمد في القولين جمعيا. ومتى أدرك الإمام في التكبيرة الأولى فكبر وشرع في القراءة ثم كبر الإمام قبل أن يتمها فإنه يكبر ويتابعه ويقطع القراءة كالمسبوق في بقية الصلوات إذا ركع الإمام قبل اتمام القراءة