أوصى أن يصلي عليه صهيب، وأم سلمة أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد، وأبو بكرة أوصى أن يصلي عليه أبو برزة، وقال غيره عائشة أوصت أن يصلي عليها أبو هريرة، وابن مسعود أوصى أن يصلي عليه الزبير، ويونس ابن جبير أوصى أن يصلى عليه أنس بن مالك، وأبو سريحة أوصى أن يصلي عليه زيد بن أرقم، فجاء عمرو بن حريث وهو أمير الكوفة ليتقدم فيصلي عليه، فقال ابنه: أيها الأمير إن أبي أوصى أن يصلي عليه زيد بن أرقم فقدم زيدا. فهذه قضايا انتشرت فلم يظهر مخالف فكان اجماعا (1) ولأنه حق للميت فإنها شفاعة له، فتقدم وصيته فيها كتفريق ثلثه، وولاية النكاح يقدم فيها الوصي أيضا فهي كمسئلتنا وإن سلمت فليست حقا له إنما هي حق للمولى عليه، ثم الفرق بينهما أن الأمير يقدم في الصلاة بخلاف ولاية النكاح، ولان الغرض في الصلاة الدعاء والشفاعة إلى الله عز وجل فالميت يختار لذلك من هو أظهر صلاحا، وأقرب إجابة في الظاهر بخلاف ولاية النكاح (فصل) فإن كان الوصي فاسقا أو مبتدعا لم تقبل الوصية لأن الموصي جهل الشرع فرددنا وصيته كما لو كان الوصي ذميا، فإن كان الأقرب إليه كذلك لم يقدم وصلى غيره كما يمنع من التقديم في الصلوات الخمس (مسألة) قال (ثم الأمير) أكثر أهل العلم يرون تقديم الأمير على الأقارب في الصلاة على الميت: وقال الشافعي في أحد قوليه: يقدم الولي قياسا على تقديمه في النكاح بجامع اعتبار ترتيب العصبات وهو خلاف قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يؤم الرجل في سلطانه) وحكى أبو حازم قال: شهدت حسينا حين مات الحسن وهو يدفع في قفا سعيد بن العاص ويقول: تقدم لولا السنة ما قدمتك وسعيد أمير المدينة، وهذا يقتضي سنة النبي صلى الله عليه وسلم وروي الإمام أحمد باسناده عن عمار مولى بني هاشم قال: شهدت جنازة أم كلثوم بنت علي وزيد بن عمر فصلى عليها سعيد بن العاص وكان أمير المدينة وخلفه يومئذ ثمانون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فيهم ابن عمر والحسن والحسين وسمي في موضع اخر زيد بن ثابت وأبا هريرة. وقال علي رضي الله عنه: الإمام أحق من صلى على الجنازة، وعن ابن مسعود نحو ذلك وهذا اشتهر فلم ينكر فكان اجماعا، ولأنها صلاة شرعت فيها الجماعة فكان الإمام أحق بالإمامة فيها كسائر الصلوات، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على الجنائز مع حضور أقاربها والخلفاء بعده ولم ينقل إلينا أنهم استأذنوا أولياء الميت في التقديم عليها
(٣٦٧)