ولنا أنه مال مستفاد من الأرض فلا يعتبر في وجوب حقه حول كالزرع والثمار والركاز، ولان الحول إنما يعتبر في غير هذا لتكميل النماء وهو يتكامل نماؤه دفعة واحدة فلا يعتبر له حول كالزروع والخبر مخصوص بالزرع والثمر فيخص محل النزاع بالقياس عليه. إذا ثبت هذا فلا يجوز اخراج زكاته إلا بعد سبكه وتصفيته كعشر الحب، فإن أخرج ربع عشر ترابه قبل تصفيته وجب رده إن كان باقيا أو قيمته إن كان تالفا والقول في قدر المقبوض قول الآخذ لأنه غارم فإن صفاه الآخذ وكان قدر الزكاة أجزأ، وإن زاد رد الزيادة إلا أن يسمح له المخرج وإن نقص فعلى المخرج، وما أنفقه الآخذ على تصفيته فهو من ماله لا يرجع به على المالك، ولا يحتسب المالك ما أنفقه على المعدن في استخراجه من المعدن ولا في تصفيته. وقال أبو حنيفة: لا تلزمه المؤنة من حقه وشبهه بالغنيمة وبناه على أصله أن هذا ركاز فيه الخمس، وقد مضى الكلام في ذلك وقد ذكرنا أن الواجب في هذا زكاة فلا يحتسب بمؤنة استخراجه فتصفيته كالحب، وإن كان ذلك دينا عليه احتسب به كما يحتسب بما أنفق على الزرع (فصل) ولا زكاة في المستخرج من البحر كاللؤلؤ والمرجان والعنبر ونحوه في ظاهر قول الخرقي واختيار أبي بكر، وروي نحو ذلك عن ابن عباس، وبه قال عمر بن عبد العزيز وعطاء ومالك والثوري وابن أبي ليلى والحسن بن صالح والشافعي وأبو حنيفة ومحمد وأبو ثور وأبو عبيد، وعن أحمد رواية أخرى أن فيه الزكاة لأنه خارج من معدن فأشبه الخارج من معدن البر ويحكى عن عمر بن العزيز أنه أخذ من العنبر الخمس وهو قول الحسن والزهري وزاد الزهري في اللؤلؤ يخرج من البحر ولنا أن ابن عباس قال: ليس في العنبر شئ ألقاه البحر، وعن جابر نحوه رواهما أبو عبيد، ولأنه قد كان يخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه فلم يأت فيه سنة عنه ولا عن أحد من خلفائه من وجه يصح، ولان الأصل عدم الوجوب فيه، ولا يصح قياسه على معدن البر لأن العنبر إنما يلقيه البحر فيوجد ملقى في البر على الأرض من غير تعب فأشبه المباحات المأخوذة من البر كالمن والزنجبيل وغيرهما، وأما السمك فلا شئ فيه بحال في قول أهل العلم كافة إلا شئ يروى عن عمر بن عبد العزيز. رواه أبو عبيد عنه وقال: ليس الناس على هذا ولا نعلم أحدا يعمل به، وقد روي ذلك عن أحمد أيضا والصحيح أن هذا لا شئ فيه لأنه صيد فلم يجب فيه زكاة كصيد البر، ولأنه لا نص ولا اجماع على الوجوب فيه، ولا يصح قياسه على ما فيه الزكاة فلا وجه لايجابها فيه (فصل) والمعادن الجامدة تملك بملك الأرض التي هي فيها لأنها جزء من أجزاء الأرض فهي كالتراب والأحجار النابتة بخلاف الركاز فإنه ليس من أجزاء الأرض، وإنما هو مودع فيها، وقد
(٦٢٠)