الصلاة جالسا، والثاني على ما إذا ابتدأ الصلاة قائما، ثم اعتل فجلس، ومتى أمكن الجمع بين الحديثين وجب ولم يحمل على النسخ، ثم يحتمل أن أبا بكر كان الإمام، قال ابن المنذر في بعض الأخبار:
أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس، وفي بعضها أن أبا بكر كان الإمام، وقالت عائشة: صلى النبي صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر في مرضه الذي مات فيه قاعدا، وقال إنس: صلى النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه خلف أبي بكر قاعدا في ثوب متوشحا به. قال الترمذي: كلا الحديثين حسن صحيح ولا يعرف للنبي صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر صلاة إلا في هذا الحديث. وروى مالك عن ربيعة الحديث قال: وكان أبو بكر الإمام، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بصلاة أبي بكر وقال (ما مات نبي حتى يؤمه رجل من أمته) قال مالك: العمل عندنا على حديث ربيعة هذا وهو أحب إلي، فإن قيل لو كان أبو بكر الإمام لكان عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا يحتمل أنه فعل ذلك لأن وراءه صفا (فصل) فإن صلوا وراءه قياما ففيه وجهان: أحدهما لا تصح صلاتهم أومأ إليه احمد، فإنه قال إن صلى الإمام جالسا والذين خلفه قياما لم يقتدوا بالإمام، إنما اتباعهم له إذا صلى جالسا صلوا جلوسا، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالجلوس ونهاهم عن القيام، فقال في حديث جابر (إذا صلى الإمام قاعدا فصلوا قعودا، وإذا صلى قائما فصلوا قياما، ولا تقوموا والإمام جالس كما يفعل أهل فارس بعظمائها) فقعدنا والامر يقتضي الوجوب، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه، ولأنه ترك اتباع إمامه مع قدرته عليه أشبه تارك القيام في حال قيام إمامه، والثاني تصح لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى وراءه قوم قياما لم يأمرهم بالإعادة، فعلى هذا يحمل الامر على الاستحباب ولأنه يتكلف القيام في موضع يجوز له القعود أشبه المريض إذا تكلف القيام، ويحتمل أن تصح صلاة