(فصل) وإن تيقن أن الميت قد بلي وصار رميما جاز نبش قبره ودفن غيره فيه، وان شك في ذلك رجع إلى أهل الخبرة فإن حفر فوجد فيها عظاما دفنها وحفر في مكان آخر نص عليه أحمد واستدل بأن كسر عظم الميت ككسر عظم الحي. وسئل أحمد عن الميت يخرج من قبره إلى غيره فقال إذا كان شئ يؤذيه قد حول طلحة وحولت عائشة، وسئل عن قوم دفنوا في بساتين ومواضع رديئة فقال: قد نبش معاذ امرأته وقد كانت كفنت في خلقان فكفنها ولم ير أبو عبد الله بأسا أن يحولوا (مسألة) قال (ومن فاتته الصلاة عليه صلى على القبر) وجملة ذلك أن من فاتته الصلاة على الجنازة فله أن يصلي عليها ما لم تدفن، فإن دفنت فله أن يصلي على القبر إلى شهر هذا قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم روي ذلك عن أبي موسى وابن عمر وعائشة رضي الله عنهم، واليه ذهب الأوزاعي والشافعي، وقال النخعي والثوري ومالك وأبو حنيفة لا تعاد الصلاة على الميت الا للولي إذا كان غائبا ولا يصلى على القبر الا كذلك، ولو جاز ذلك لكان قبر النبي صلى الله عليه وسلم يصلى عليه في جميع الأعصار.
ولنا ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلا مات فقال (فدلوني على قبره فاتى قبره فصلى عليه) متفق عليه، وعن ابن عباس أنه مر مع النبي صلى الله عليه وسلم على قبر منبوذ فأمهم وصلوا خلفه قال أحمد رحمه الله: ومن شك في الصلاة على القبر يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من ستة وجوه كلها حسان ولأنه من أهل الصلاة فيسن له الصلاة على القبر كالولي (1) وقبر النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلى عليه لأنه لا يصلى على القبر بعد شهر (فصل) ومن صلى مرة فلا يسن له إعادة الصلاة عليها وإذا صلى على الجنازة مرة لم توضع لاحد يصلي عليها قال القاضي: لا يحسن بعد الصلاة عليه ويبادر بدفنه فإن رجي مجئ الولي أخر إلى أن يجى إلا أن يخاف تغيره قال ابن عقيل لا ينتظر به أحد لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في طلحة بن البراء (اعجلوا به فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله) فأما من أدرك الجنازة ممن لم يصل فله أن يصلي عليها، فعل ذلك علي وأنس وسلمان بن ربيعة وأبو حمزة ومعمر بن سمير (فصل) ويصلى على القبر وتعاد الصلاة عليه قبل الدفن جماعة وفرادى نص عليهما أحمد وقال وما بأس بذلك قد فعله عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي حديث ابن عباس قال إنتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبر رطب فصفوا خلفه وكبر أربعا متفق عليه.
(فصل) وتجوز الصلاة على الغائب في بلد آخر بالنية فيستقبل القبلة ويصلي عليه كصلاته على حاضر. وسواء كان الميت في جهة القبلة أو لم يكن، وسواء كان بين البلدين مسافة القصر أو لم يكن وبهذا قال الشافعي. وقال مالك وأبو حنيفة لا يجوز. وحكى ابن أبي موسى عن أحمد رواية أخرى كقولهما لأن من شرط الصلاة على الجنازة حضورها بدليل ما لو كان في البلد لم تجز الصلاة عليها مع غيبتها عنه