في أرض الشام، وليس فعل النبي صلى الله عليه وسلم رادا لفعل عمر لأن كل واحد منهما اتبع آية محكمة، قال الله تعالى (واعلموا أن ما غنمتم من شئ فأن لله خمسه) وقال (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى) الآية. وكان واحد من الامرين جائزا، والنظر في ذلك إلى الإمام فما رأى من ذلك فعله وهذا قول الثوري وأبي عبيد: إذا ثبت هذا فإن الاختيار المفوض إلى الإمام اختيار مصلحة لا اختيار تشه.
فيلزمه فعل ما يرى المصلحة فيه، ولا يجوز له العدول عنه كالخيرة بين القتل والاسترقاق والفداء والمن في الاسرى، ولا يحتاج إلى النطق بالوقف بل تركه له من غير قسمة هو وقفه لها كما أن قسمها بين الغانمين لا يحتاج معه إلى لفظ، وإن عمر وغيره لم ينقل عنهم في وقف الأرض لفظ الوقف، ولان معنى وقفها ههنا أنها باقية لجميع المسلمين يؤخذ خراجها ويصرف في مصالحهم ولا يخص أحد بملك شئ منها وهذا حاصل بتركها (فصل) فأما ما جلى عنها أهلها خوفا من المسلمين فهذه تصير وقفا بنفس الظهور عليها لأن ذلك متعين فيها إذا لم يكن لها غانم فكان حكمها حكم الفئ يكون للمسلمين كلهم وقد روي أنها لا تصير وقفا حتى يقفها الإمام وحكمها حكم العنوة إذا وقفت وما صالح عليه الكفار من أرضهم على أن الأرض لنا ونقرهم فيها بخراج معلوم فهو وقف أيضا حكمه حكم ما ذكرناه لأن النبي صلى الله عليه وسلم فتح خيبر وصالح أهلها على أن يعمروا أرضها ولهم نصف ثمرتها فكانت للمسلمين منهم، وصالح بنى النضير على أن يجليهم