ولنا قول الله تعالى (ومما أخرجنا لكم من الأرض) وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما سقت السماء العشر) وغيره من عمومات الأخبار. قال ابن المبارك: يقول الله (ومما أخرجنا لكم من الأرض) ثم قال نترك القرآن لقول أبي حنيفة؟ ولأنهما حقان يجبان لمستحقين يجوز وجوب كل واحد منهما على المسلم فجاز اجتماعهما كالكفارة والقيمة في الصيد الحرمي المملوك وحديثهم يرويه يحيى بن عبسة وهو ضعيف عن أبي حنيفة ثم نحمله على الخراج الذي هو جزية، وقول الخرقي وكان لمسلم يعني أن الزكاة لا تجب على صاحب الأرض إذا لم يكن مسلما، وليس عليه في أرضه سوى الخراج. قال احمد رحمه الله: ليس في أرض أهل الذمة صدقة، إنما قال الله تعالى (صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) فأي طهرة للمشركين، وقولهم ان سببيهما يتنافيان غير صحيح، فإن الخراج أجرة الأرض والعشر زكاة الزرع، ولا يتنافيان كما لو استأجر أرضا فزرعها، ولو كان الخراج عقوبة لما وجب على مسلم كالجزية (فصل) فإن كان في غلة الأرض ما لا عشر فيه كالثمار التي لا زكاة فيها والخضروات وفيها زرع فيه الزكاة جعل ما لا زكاة فيه في مقابلة الخراج وزكى ما فيه الزكاة إذا كان ما لا زكاة فيه وافيا بالخراج وان لم يكن لها عليه الا ما تجب فيه الزكاة أدى الخراج من غلتها وزكى ما بقي، وهذا قول عمر بن عبد العزيز إذا كان ما لا زكاة فيه وافيا بخراج، وإن لم يكن لهما غلة إلا ما تجب فيه الزكاة أدى الخراج من غلتها روى أبو عبيد عن إبراهيم بن أبي عبلة قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الله بن أبي عوف عامله على فلسطين فيمن كانت في يده أرض يحرثها من المسلمين أن يقبض منها جزيتها ثم يأخذ منها زكاة ما بقي بعد الجزية. قال ابن أبي عبلة: أنا ابتليت بذلك، ومني أخذوا ذلك لأن الخراج من مؤنة الأرض فيمنع وجوب الزكاة في قدره كما قال احمد: من استدان ما أنفق على زرعه، واستدان ما أنفق على أهله، احتسب ما أنفق على زرعه دون ما أنفق على أهله لأنه من مؤنة الزرع، وبهذا قال ابن عباس وقال عبد الله بن عمر: يحتسب بالدينين جميعا ثم يخرج مما بعدهما، وحكي عن أحمد أن الدين كله يمنع الزكاة في الأموال الظاهرة، فعلى هذه الرواية يحسب كل دين عليه ثم يخرج العشر مما
(٥٩١)