ولنا أنه مسلم قتل في معترك المشركين بقتالهم أشبه البالغ، ولأنه أشبه البالغ في الصلاة عليه والغسل إذا لم يقتله المشركون فيشبهه في سقوط ذلك عنه بالشهادة، وقد كان في شهداء أحد حارثة ابن النعمان، وعمير بن أبي وقاص أخو سعد وهما صغيران والحديث عام في الكل وما ذكره يبطل بالنساء (مسألة) قال (ودفن في ثيابه وإن كان عليه شئ من الجلود والسلاح نحي عنه) أما دفنه بثيابه فلا نعلم فيه خلافا وهو ثابت بقول النبي صلى الله عليه وسلم (ادفنوهم بثيابهم) وروى أبو داود وابن ماجة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفنوا في ثيابهم بدمائهم، وليس هذا بحتم لكنه الأولى وللولي أن ينزع عنه ثيابه ويكفنه بغيرها وقال أبو حنيفة: لا ينزع عنه شئ لظاهر الخبر ولنا ما روي أن صفية أرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثوبين ليكفن فيهما حمزة فكفنه في أحدهما، وكفن في الاخر رجلا آخر. رواه يعقوب بن شيبة وقال هو صالح الاسناد فدل على أن الخيار إلى الولي والحديث الآخر يحمل على الإباحة والاستحباب. إذا ثبت هذا فإنه ينزع عنه من لباسه ما لم يكن من عامة لباس الناس من الجلود والفراء والحديد. قال احمد: لا يترك عليه فرو ولا خف ولا جلد، وبهذا قال الشافعي وأبو حنيفة. وقال مالك: لا ينزع عنه فرو ولا خف ولا محشو لقول النبي صلى الله عليه وسلم (ادفنوهم بثيابهم) وهذا عام في الكل وما رويناه أخص فكان أولى (مسألة) قال (وإن حمل وبه رمق غسل وصلي عليه) معني قوله رمق أي حياة مستقرة فهذا يغسل ويصلي عليه وإن كان شهيدا لأن النبي صلى الله عليه وسلم غسل سعد بن معاذ وصلى عليه وكان شهيدا رماه ابن العرقة يوم الخندق بسهم فقطع أكحله فحمل إلى المسجد فلبث فيه أياما حتى حكم في بني قريظة ثم انفتح جرحه فمات. وظاهر كلام الخرقي أنه متى طالت حياته بعد حمله غسل وصلي عليه، وان مات في المعترك أو عقب حمله لم يغسل ولم يصل عليه، ونحو هذا قول مالك قال: إن أكل أو شرب أو بقي يومين أو ثلاثة غسل. وقال احمد في موضع: ان تكلم أو أكل أو شرب صلي عليه وقول أصحاب أبي حنيفة نحو من هذا. وعن أحمد أنه سئل عن المجروح إذا بقي في المعترك يوما إلى الليل ثم مات فرأى أن يصلى عليه. وقال أصحاب الشافعي: ان مات حال الحرب لم يغسل ولم يصل عليه والا فلا، والصحيح التحديد بطول الفصل أو الاكل لأن الاكل لا يكون الا من ذي حياة مستقرة، وطول الفصل يدل على ذلك، وقد ثبت اعتباره في كثير من المواضع. وأما الكلام والشرب وحالة الحرب فلا يصح التحديد بشئ منها لأنه يروى أن
(٤٠٣)