لا يختلف المذهب في أنه إذا نوى بعرض التجارة القنية أنه يصير للقنية وتسقط الزكاة منه، وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي وقال مالك في إحدى الروايتين عنه: لا يسقط حكم التجارة بمجرد النية كما لو نوى بالسائمة العلف ولنا أن القنية الأصل ويكفي في الرد إلى الأصل مجرد النية كما لو نوى بالحلي التجارة، أو نوى المسافر الإقامة، ولان نية التجارة شرط لوجوب الزكاة في العروض، فإذا نوى القنية زالت نية التجارة ففات شرط الوجوب وفارق السائمة إذا نوى علفها لأن الشرط فيها الاسامة دون نيتها فلا ينتفي الوجوب إلا بانتفاء السوم، وإذا صار العرض للقنية بنيتها فنوى به التجارة لم يصر للتجارة بمجرد النية على ما أسلفناه وبهذا قال أبو حنيفة ومالك والشافعي والثوري، وذهب ابن عقيل وأبو بكر إلى أنه يصير للتجارة بمجرد النية وحكوه رواية عن أحمد لقوله فيمن أخرجت أرضه خمسة أوسق فمكثت عنده سنين لا يريد بها التجارة فليس عليه زكاة، وإن كان يريد التجارة فأعجب إلي أن يزكيه. قال بعض أصحابنا: هذا على أصح الروايتين لأن نية القنية بمجردها كافية فكذلك نية التجارة بل أولى، لأن الايجاب يغلب على الاسقاط احتياطا ولأنه أحظ للمساكين فاعتبر كالتقويم، ولان سمرة قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرج الصدقة مما نعده للبيع وهذا دخل في عمومه، ولأنه نوى به التجارة فوجبت فيه الزكاة كما لو نوى حال البيع ولنا أن كل مالا يثبت له الحكم بدخلوه في ملكه لا يثبت بمجرد النية كما لو نوى بالمعلوفة السوم ولان القنية الأصل والتجارة فرع عليها فلا ينصرف إلى الفرع بمجرد النية كالمقيم ينوي السفر وبالعكس من ذلك ما لو نوى القنية فإنه يردها إلى الأصل فانصرف إليه بمجرد النية كما لو نوى المسافر الإقامة، فكذلك إذا نوى بمال التجارة القنية انقطع حوله، ثم إذا نوى به التجارة فلا شئ فيه حتى يبيعه ويستقبل بثمنه حولا
(٦٣١)