(فصل) وإذا أذن كل واحد من الشريكين لصاحبه في إخراج زكاته أو أذن رجلان غير شريكين كل واحد منهما للآخر في اخراج زكاته فأخرج كل واحد منهما زكاته وزكاة صاحبه معا في حال واحدة ضمن كل واحد منهما نصيب صاحبه لأن كل واحد منهما انعزل من طريق الحكم عن الوكالة لاخراج من عليه الزكاة زكاته بنفسه، ويحتمل أن لا يضمن إذا لم يعلم باخراج صاحبه إذا قلنا إن الوكيل ينعزل قبل الحكم بعزل الموكل أو بموته ويحتمل أن لا يضمن وإن قلنا إنه ينعزل لأنه غره بتسليطه على الاخراج وأمره به ولم يعلمه باخراجه فكان خطر التغرير عليه كما لو غره بحرية أمة وهذا أحسن إن شاء الله تعالى. وعلى هذا إن علم أحدهما دون الآخر فعلى العالم الضمان دون الآخر. فأما، إن أخرجها أحدهما قبل الآخر فعلى هذا الوجه لا ضمان على واحد منهما إذا لم يعلم، وعلى الأول على الثاني الضمان دون الأول (باب زكاة الدين والصدقة) الصدقة هي الصداق وجمعها صدقات قال الله تعالى (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) وهي من جملة الديون وحكمها حكمها، وإنما أفردها بالذكر لاشتهارها باسم خاص (مسألة) قال (وإذا كان معه مائتا درهم وعليه دين فلا زكاة عليه) وجملة ذلك أن الدين يمنع وجوب الزكاة في الأموال الباطنة رواية واحدة وهي الأثمان وعروض التجارة، وبه قال عطاء وسليمان بن يسار وميمون بن مهران والحسن والنخعي والليث ومالك والثوري والأوزاعي وإسحق وأبو ثور وأصحاب الرأي. وقال ربيعة وحماد بن أبي سليمان والشافعي في جديد قوليه لا يمنع الزكاة لأنه حر مسلم ملك نصابا حولا فوجبت عليه الزكاة كمن لا دين عليه ولنا ما روي أبو عبيد في الأموال: حدثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد قال: سمعت عثمان بن عفان يقول: هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم. وفي رواية فمن كان عليه دين فليقض دينه وليزك بقية ماله، قال ذلك بمحضر من الصحابة فلم ينكروه فدل على اتفاقهم عليه، وروى أصحاب مالك عن عمير بن عمران عن شجاع عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا كان لرجل ألف درهم وعليه ألف درهم فلا زكاة عليه) وهذا نص ولان النبي صلى الله عليه وسلم قال (أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم فأردها في فقرائكم) فدل على أنها إنما تجب على الأغنياء ولا تدفع إلا إلى الفقراء وهذا ممن يحل له أخذ الزكاة فيكون فقيرا فلا
(٦٣٥)