(مسألة) قال (وإن أعطاها كلها في صنف واحد أجزأه إذا لم يخرجه إلى الغنى) وجملته أنه يجوز أن يقتصر على صنف واحد من الأصناف الثمانية ويجوز أن يعطيها شخصا واحدا وهو قول عمر وحذيفة وابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير والحسن والنخعي وعطاء واليه ذهب الثوري وأبو عبيد وأصحاب الرأي وروي عن النخعي أنه قال: إن كان المال كثيرا يحتمل الأصناف قسمه عليهم، وإن كان قليلا جاز وضعه في صنف واحد. وقال مالك: يتحرى موضع الحاجة منهم ويقدم الأولى فالأولى، وقال عكرمة والشافعي: يجب أن يقسم زكاة كل صنف من ماله على الموجود من الأصناف الستة الذين سهمانهم ثابته قسمة على السواء، ثم حصة كل صنف منهم لا تصرف إلى أقل من ثلاثة منهم وان وجد منهم ثلاثة أو أكثر، فإن لم يجد الا واحدا صدف حصة ذلك الصنف إليه وروى الأثرم عن أحمد كذلك وهو اختيار أبي بكر لأن الله تعالى جعل الصدقة لجميعهم وشرك بينهم فيها فلا يجوز الاقتصار على بعضهم كأهل الخمس ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ (اعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم) فأخبر أنه مأمور يرد جملتها في الفقراء وهم صنف واحد ولم يذكر سواهم، ثم أتاه بعد ذلك مال فجعله في صنف ثان سوى الفقراء وهم المؤلفة الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن وعلقمة بن علاثة وزيد الخيل قسم فيهم الذهيبة التي بعث بها إليه علي من اليمن، وإنما يؤخذ من أهل اليمين الصدقة، ثم أتاه مال آخر فجعله في صنف آخر لقوله لقبيصة بن المخارق حين تحمل حمالة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله فقال (أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها) وفي حديث سلمة بن صخر البياضي أنه أمر له بصدقة قومه، ولو وجب صرفها إلى جميع الأصناف لم يجز دفعها إلى واحد، ولأنها لا يجب صرفها إلى جميع الأصناف إذا أخذها الساعي، فلم يجب دفعها إليهم إذا فرقها المالك، كما لو لم يجد إلا صنفا واحدا ولأنه لا يجب عليه تعميم أهل كل صنف بها فجاز الاقتصار علي واحد كما لو وصى لجماعة لا يمكن حصرهم ويخرج على هذين المعنيين الخمس، فإنه يجب على الإمام تفريقه على جميع مستحقيه واستيعاب جميعهم به بخلاف الزكاة والآية أريد بها بيان الأصناف الذين يجوز الدفع إليهم دون
(٥٢٩)