مال إليه، فلم يمنع ذلك الدفع كما لو كان يصله تبرعا من غير أن يكون من عائلته (فصل) وليس لمخرج الزكاة شراؤها ممن صارت إليه، وروي ذلك عن الحسن وهو قول قتادة ومالك، قال أصحاب مالك: فإن اشتراها لم ينقض البيع. وقال الشافعي وغيره: يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة رجل ابتاعها بماله) (1) وروى سعيد بن في سننه أن رجلا تصدق على أمه بصدقة ثم ماتت فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال (قد قبل الله صدقتك وردها إليك الميراث) وهذا في معنى شرائها، ولان ما صح أن يملك إرثا صح أن يملك ابتياعا كسائر الأموال ولنا ما روى عمر أنه قال: حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده وظننت أنه بائعه يرخص فأردت أن أشتريه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (لا تبتعه ولا تعد في صدقتك ولو أعطاكه بدرهم، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه) متفق عليه، فإن قيل يحتمل أنها كانت حبسا في سبيل الله فمنعه لذلك، قلنا لو كانت حبسا لما باعها للذي هي في يده ولاهم عمر بشرائها، بل كان ينكر على البائع ويمنعه، فإنه لم يكن يقر على منكر فكيف يفعله وبعين عليه، ولان النبي صلى الله عليه وسلم ما أنكر بيعها إنما أنكر على عمر الشراء معللا بكونه عائدا في الصدقة (الثاني) اننا نحتج بعموم اللفظ من غير نظر إلى خصوص السبب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تعد في صدقتك) أي بالشراء، فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه، والاخذ بعموم اللفظ أولى من التمسك بخصوص السبب، فإن قيل فإن اللفظ لا يتناول الشراء، فإن العود في الصدقة استرجاعها بغير عوض وفسخ للعقد كالعود في الهبة والدليل على هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم (العائد في هبته كالعائد في قيئه) ولو وهب انسانا شيئا ثم اشتراه منه جاز، قلنا النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك جوابا لعمر حين سأله عن شراء الفرس فلو لم يكن اللفظ متناولا للشراء المسؤول عنه لم يكن مجيبا له ولا يجوز إخراج خصوص السبب من عموم لئلا يخلو السؤال عن الجواب، وقد روي عن جابر أنه قال إذا جاء المصدق فادفع إليه صدقتك ولا تشترها فإنهم
(٥١٥)