المسلمين في الأمصار والقرى، لم يعذر، ولم يقبل منه ادعاء الجهل، وحكم بكفره. لأن أدلة الوجوب ظاهرة في الكتاب والسنة، والمسلمون يفعلونها على الدوام، فلا يخفى وجوبها على من هذا حاله، ولا يجحدها الا تكذيبا لله تعالى ولرسوله واجماع الأمة. وهذا يصير مرتدا عن الاسلام، حكمه حكم سائر المرتدين في الاستتابة والقتل، ولا أعلم في هذا خلافا، وان تركها لمرض أو عجز عن أركانها وشروطها قيل له: ان ذلك لا يسقط الصلاة، وانه يجب عليه أن يصلي على حسب طاقته، وان تركها تهاونا أو كسلا دعي إلى فعلها، وقيل له: ان صليت والا قتلناك، فإن صلى والا وجب قتله، ولا يقتل حتى يحبس ثلاثا، ويضيق عليه فيها، ويدعى في وقت كل صلاة إلى فعلها، ويخوف بالقتل، فإن صلى والا قتل بالسيف، وبهذا قال مالك وحماد بن زيد ووكيع والشافعي. وقال الزهري: يضرب ويسجن وبه قال أبو حنيفة قال: ولا يقتل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا يحل دم امرئ مسلم الا بإحدى ثلاث: كفر بعد ايمان، أو زنا بعد احصان، أو قتل نفس بغير حق) متفق عليه، وهذا لم يصدر منه أحد الثلاثة فلا يحل دمه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا أله الا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم الا بحقها) متفق عليه، ولأنه فرع من فروع الدين فلا يقتل بتركه كالحج، ولان القتل لو شرع لشرع زجرا عن ترك الصلاة، ولا يجوز شرع زاجر تحقق المزجور عنه، والقتل يمنع فعل الصلاة دائما فلا يشرع، ولان الأصل تحريم الدم فلا تثبت الإباحة إلا بنص أو معنى نص، والأصل عدمه ولنا قول الله تعالى (فاقتلوا المشركين) إلى قوله (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم) فأباح قتلهم وشرط في تخلية سبيلهم التوبة وهي الاسلام، وأقام الصلاة وايتاء الزكاة، فمتى ترك الصلاة متعمدا لم يأت بشرط تخليته فبقي على وجوب القتل، وقول النبي صلى الله عليه وسلم (من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت منه الذمة) وهذا يدل على إباحة قتله، وقال عليه السلام (بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة) رواه مسلم، والكفر مبيح للقتل وقال عليه السلام (نهيت عن قتل المصلين) وعن أنس قال: قال أبو بكر. إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة) رواه الدارقطني، فمفهومه ان غير المصلين يباح قتلهم، ولأنها ركن من أركان الاسلام لا تدخله النيابة بنفس ولا مال فوجب أن يقتل تاركه كالشهادة، وحديثهم حجة لنا لأن الخبر الذي رويناه يدل على أن تركها كفر، والحديث الآخر استثنى منه الا بحقها والصلاة من حقها، ثم إن أحاديثنا خاصة فنخص بها عموم ما ذكروه ولا يصح قياسها على الحج لأن الحج مختلف في جواز تأخيره، ولا يجب القتل بفعل مختلف فيه. وقولهم ان هذا يفضي إلى ترك الصلاة بالكلية، قلنا الظاهر أن من يعلم أنه يقتل ان ترك الصلاة لا يتركها سيما بعد
(٢٩٩)