ولنا ما روى ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من سافر من دار إقامة يوم الجمعة دعت عليه الملائكة لا يصحب في سفره ولا يعان على حاجته) رواه الدارقطني في الافراد، وهذا وعيد لا يلحق بالمباح، ولان الجمعة قد وجبت عليه فلم يجز له الاشتغال بما يمنع منها كاللهو والتجارة، وما روي عن عمر فقد روى عن ابنه وعائشة أخبار تدل على كراهية السفر يوم الجمعة فتعارض قوله ثم نحمله على السفر قبل الوقت (فصل) وان سافر قبل الوقت فذكر أبو الخطاب فيه ثلاث روايات: إحداها المنع لحديث ابن عمر، والثانية الجواز وهو قول الحسن وابن سيرين وأكثر أهل العلم لقول عمر ولان الجمعة لم تجب فلم يحرم السفر كالليل. والثالثة يباح للجهاد دون غيره وهذا الذي ذكره القاضي لما روى ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم وجه زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة في جيش مؤتة فتخلف عبد الله فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال (ما خلفك؟) قال الجمعة فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لروحة في سبيل الله - أو قال غدوة - خير من الدنيا وما فيها) قال فراح منطلقا رواه الإمام أحمد في المسند. والأولى الجواز مطلقا لأن ذمته بريئة من الجمعة فلم يمنعه امكان وجوبها عليه كما قبل يومها. وذكر أبو الخطاب ان الوقت الذي يمنع السفر ويختلف فيما قبله زوال الشمس، ولم يفرق القاضي بين ما قبل الزوال وما بعده، ولعله بنى على أن وقتها وقت العيد، ووجه
(٢١٨)