ليس له أن يصلي صلاة الخوف لأنها رخصة ثبتت للدفع عن نفسه في محل مباح فلا تثبت بالمعصية كرخص السفر (فصل) قال أصحابنا: يجوز أن يصلوا في حال شدة الخوف جماعة رجالا وركبانا، ويحتمل أن لا يجوز ذلك وهو قول أبي حنيفة لأنهم يحتاجون إلى التقدم والتأخر، وربما تقدموا الإمام وتعذر عليهم الائتمام، واحتج أصحابنا بأنها حالة يجوز فيها الصلاة على الانفراد فجاز فيها صلاة الجماعة كركوب السفينة، ويعفى عن تقدم الإمام للحاجة إليه كالعفو عن العمل الكثير ولمن نصر الأول أن يقول العفو عن ذلك لا يثبت الا بنص أو معنى نص ولم يوجد واحد منهما وليس هذا في معنى العمل الكثير لأن العمل الكثير لا يختص الإمامة، بل هو في حال الانفراد كحال الائتمام فلا يؤثر الانفراد في نفيه بخلاف تقدم الإمام (فصل) وإذا صلوا صلاة الخوف ظنا منهم ان ثم عدوا فبان أنه لا عدو أو بان عدو لكن بينهم وبينه ما يمنع عبوره إليهم فعليهم الإعادة سواء صلوا صلاة شدة الخوف أو غيرها، وسواء كان ظنهم مستندا إلى خبر ثقة أو غيره، أو رؤية سواد، أو نحوه لأنهم تركوا بعض واجبات الصلاة ظنا منهم سقوطها فلزمتهم الإعادة كما لو ترك المتوضئ غسل رجليه ومسح على خفيه ظنا منه أن ذلك يجزي عنه وصلى ثم تبين أن خفه كان مخرقا وكما لو ظن المحدث أنه متطهر فصلى، ويحتمل أن لا تلزم الإعادة إذا كان عدوا بينهم وبينه ما يمنع العبور لأن السبب للخوف متحقق وإنما خفي المانع (مسألة) قال (ومن أمن وهو في الصلاة أتمها صلاة آمن وكذلك أن كان آمنا فاشتد خوفه أتمها صلاة خائف) وجملته أنه إذا صلى بعض الصلاة حال شدة الخوف مع الاخلال بشئ من واجباتها كالاستقبال وغيره فأمن في أثناء الصلاة أتمها آتيا بواجباتها، فإذا كان راكبا إلى غير القبلة نزل مستقبل القبلة وإن كان ماشيا وقف واستقبل القبلة وبنى على ما مضى لأن ما مضى كان صحيحا قبل الامن فجاز البناء عليه كما لو لم يخل بشئ من الواجبات، وإن ترك الاستقبال حال نزوله أو أخل بشئ من واجباتها بعد أمنه فسدت صلاته، وإن ابتدأ الصلاة آمنا بشروطها وواجباتها ثم حدث شدة خوف أتمها على حسب ما يحتاج إليه مثل أن يكون قائما على الأرض مستقبلا فيحتاج أن يركب ويستدبر القبلة أتمها على حسب ما يحتاج إليه ويطعن ويضرب ونحو ذلك فإنه يصير إليه ويبني على ما مضى من صلاته وحكي عن الشافعي أنه إذا أمن نزل فبنى، وإذا خاف فركب ابتدأ لأن الركوب عمل كثير ولا يصح لأن الركوب قد يكون يسيرا فمثله في حق الآمن لا يبطل ففي حق الخائف أولى كالنزول ولأنه عمل أبيح للحاجة فلم يمنع صحة الصلاة كالهرب
(٢٧٢)