درهم أو قيمة ذلك من غيرهما وهذا مذهب الشافعي، وأوجب أبو حنيفة الخمس في قليله وكثيره من غير اعتبار نصاب بناء على أنه ركاز لعموم الأحاديث التي احتجوا بها عليه ولأنه لا يعتبر له حول فلم يعتبر له نصاب كالركاز ولنا عموم قوله عليه السلام (ليس فيما دون خمس أواق صدقة) وقوله (ليس في تسعين ومائة شئ) وقوله عليه السلام (ليس عليكم في الذهب شئ حتى يبلغ عشرين مثقالا) وقد بينا ان هذا ليس بركاز وانه مفارق لركاز من حيث إن الركاز مال كافر أخذ في الاسلام فأشبه الغنيمة وهذا وجب مواساة وشكرا لنعمة الغني فاعتبر له النصاب كسائر الزكوات وإنما لم يعتبر له الحول لحصوله دفعة واحدة فأشبه الزرع والثمار. إذا ثبت هذا فإنه يعتبر إخراج النصاب دفعه واحدة أو دفعات لا يترك العمل بينهن ترك اهمال، فإن خرج دون النصاب ثم ترك العمل مهملا له ثم أخرج دون النصاب فلا زكاة فيهما وإن بلغا بمجموعهما نصابا، وإن بلغ أحدهما نصابا دون الآخر زكى النصاب ولا زكاة في الآخر، وفيما زاد على النصاب بحسابه. فأما ترك العمل ليلا أو للاستراحة أو لعذر من مرض أو لاصلاح الأداة أو إباق عبيده ونحوه فلا يقطع حكم العمل وبضم ما خرج في العملين بعضه إلى بعض في اكمال النصاب، وكذلك أن كان مشتغلا بالعمل فخرج بين المعدنين تراب لا شئ فيه وان اشتمل المعدن على أجناس كمعدن فيه الذهب والفضة فذكر القاضي انه لا يضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب وانه يعتبر النصاب في الجنس بانفراده لأنه أجناس فلا يكمل نصاب أحدهما بالآخر كغير المعدن، والصواب إن شاء الله انه إن كان المعدن يشتمل على ذهب وفضة ففي ضم أحدهما إلى الآخر وجهان بناء على الروايتين في ضم أحدهما إلى الآخر في غير المعدن، وإن كان فيه أجناس من غير الذهب والفضة ضم بعضها إلى بعض لأن الواجب في قيمتها والقيمة واحدة فأشبهت عروض التجارة، وإن كان فيها أحد النقدين وجنس آخر ضم أحدهما إلى الآخر كما تضم العروض إلى الأثمان، فإن استخرج نصابا من معدنين وجبت الزكاة فيه لأنه مال رجل واحد فأشبه الزرع في مكانين (الفصل الرابع) في وقت الوجوب وتجب الزكاة فيه حين يتناوله ويكمل نصابا ولا يعتبر له حول وهذا قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي. وقال إسحاق وابن المنذر: لا شئ في المعدن حتى يحول عليه الحول لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول))
(٦١٩)