ما للإمام قبضه بحكم الولاية لا يجوز دفعه إلى المولى عليه كولى اليتيم وللشافعي قولان كالمذهبين ولنا على جواز دفعها بنفسه انه دفع الحق إلى مستحقه الجائز تصرفه فأجزأه كما لو دفع الدين إلى غريمة وكزكاة الأموال الباطنة ولأنه أحد نوعي الزكاة فأشبه النوع الآخر والآية تدل على أن للإمام أخذها ولا خلاف فيه ومطالبة أبي بكر لهم بها لكونهم لم يؤدوها إلى أهلها ولو أدوها إلى أهلها لم يقاتلهم عليها لأن ذلك مختلف في إجزائه فلا تجوز المقاتلة من أجله وإنما يطالب الإمام بحكم الولاية والنيابة عن مستحقيها فإذا دفعها إليهم جاز لأنهم أهل رشد فجاز الدفع إليهم بخلاف اليتيم واما وجه فضيلة دفعها بنفسه فلانه ايصال الحق إلى مستحقه مع توفير أجر العمالة وصيانة حقهم عن خطر الخيانة ومباشرة تفريح كربة مستحقها وإغنائه بها مع أعطائها للأولى بها من محاويج أقاربه وذوي رحمه وصلة رحمه بها فكان أفضل كما لو لم يكن آخذها من أهل العدل فإن قيل فالكلام في الإمام العادل إذا الخيانة مأمونة في حقه قلنا الإمام لا يتولى ذلك بنفسه وإنما يفوضه إلى سعاته ولا تؤمن منهم الخيانة ثم ربما لا يصل إلى المستحق الذي قد علمه المالك من أهله وجيرانه شئ منها وهم أحق الناس بصلته وصدقته ومواساته وقولهم ان أخذ الإمام يبرئه ظاهرا وباطنا قلنا يبطل هذا بدفعها إلى غير العادل فإنه يبرئه أيضا وقد سلموا انه ليس بأفضل ثم إن البراءة الظاهرة تكفي وقولهم انه تزول به التهمة قلنا متى أظهرها زالت التهمة سواء أخرجها بنفسه ولا يختلف المذهب ان دفعها إلى الإمام سواء كان عادلا أو غير عادل وسواء كانت من الأموال الظاهرة أو الباطنة ويبرأ بدفعها سواء تلفت في الإمام أو لم تتلف أو صرفها في مصارفها أولم يصرفها لما ذكرنا عن الصحابة ولان الإمام نائب عنهم شرعا فبرئ بدفعها إليه كولي اليتيم إذا قبضها له ولا يختلف المذهب أيضا في أن صاحب المال يجوز أن يفرقها بنفسه (فصل) إذا أخذ الخوارج والبغاة الزكاة أجزأت عن صاحبها وحكى ابن المنذر عن أحمد والشافعي وأبى ثور في الخوارج أنه يجزي وكذلك كل من أخذها من السلاطين أجزأت عن صاحبها سواء عدل فيها أو جار وسواء أخذها قهرا أو دفعها إليه اختيارا قال أبو صالح سألت سعد بن أبي وقاص وابن عمر
(٥٠٩)