التجارة والدكان واحد والمخزن والميزان والبائع فأشبه الماشية، ومذهب الشافعي على نحو مما حكينا من مذهبنا والصحيح أن الخلطة لا تؤثر في غير الماشية لقول النبي صلى الله عليه وسلم (والخليطان ما اشتركا في الحوض والفحل والراعي) فدل على أن ما لم يوجد فيه ذلك لا يكون خلطة مؤثرة وقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يجمع بين متفرق خشية الصدقة) إنما يكون في الماشية لأن الزكاة تقل بجمعها تارة وتكثر أخرى وسائر الأموال تجب فيها فيما زاد على النصاب بحسابه فلا أثر لجمعها، ولان الخلطة في الماشية تؤثر في النفع تارة وفي الضرر أخرى، ولو اعتبرناها في غير الماشية أثرت ضررا محضا برب المال فلا يجوز اعتبارها. إذا ثبت هذا فإن كان لجماعة وقف أو حائط مشترك بينهم فيه ثمرة أو زرع فلا زكاة عليهم الا أن يحصل في يد بعضهم نصاب كامل فيجب عليه، وقد ذكر الخرقي هذا في باب الوقف وعلى الرواية الأخرى إذا كان الخارج نصابا ففيه الزكاة، وإن كان الوقف نصابا من السائمة فيحتمل أن عليهم الزكاة لاشتراكهم في ملك نصاب تؤثر الخلطة فيه، وينبغي أن تخرج الزكاة من غيره لأن الوقف لا يجوز نقل الملك فيه، ويحتمل أن لا تجب الزكاة فيه لنقص الملك فيه وكماله معتبر في ايجاب الزكاة بدليل مال المكاتب.
(فصل) ولا زكاة في غير بهيمة الأنعام من الماشية في قول أكثر أهل العلم، وقال أبو حنيفة في الخيل الزكاة إذا كانت ذكورا وإناثا، وان كانت ذكورا مفردة أو إناثا منفردة ففيها روايتان وزكاتها دينار عن كل فرس أو ربع عشر قيمتها والخيرة في ذلك إلى صاحبها أيهما شاء أخرج لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (في الخيل السائمة في كل فرس دينار) وروي عن عمر أنه كان يأخذ من الرأس عشرة ومن الفرس عشرة، ومن البرذون خمسة ولأنه حيوان يطلب نماؤه من جهة السوم أشبه النعم ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم (ليس على المسلم في فرسه وغلامه صدقة) متفق عليه، وفي لفظ (ليس على الرجل في فرسه ولا في عبده صدقة) وعن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق) رواه الترمذي وهذا الصحيح، وروى أبو عبيد في الغريب عن النبي صلى الله عليه وسلم (ليس في