اثنا عشر رجلا أنا فيهم فأنزل الله تعالى (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما) إلى آخر الآية رواه مسلم وما يشترط للابتداء يشترط للاستدامة.
ولنا ما روى كعب بن مالك قال أول من جمع بنا أسعد بن زرارة في هزم النبيت من حرة بني بياضة في نقيع يقال له نقيع الخضمات قلت له كم كنتم يومئذ قال أربعون رواه أبو داود والأثرم وروى خصيف عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال، مضت السنة أن في كل أربعين فما فوقها جمعة رواه الدارقطني وضعفه ابن الجوزي وقول الصحابي مضت السنة ينصرف إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاما من روى أنهم كانوا اثنى عشر رجلا فلا يصح فإن ما رويناه أصح منه رواه أصحاب السنن والخبر الآخر يحتمل أنهم عادوا فحضروا القدر الواجب ويحتمل أنهم عادوا قبل طول الفصل، فأما الثلاثة والأربعة فتحكم بالرأي فيما لا مدخل له فيه فإن التقديرات بابها التوقيف فلا مدخل للرأي فيها ولا معنى لاشتراط كونه جمعا ولا للزيادة على الجمع إذ لا نص في هذا ولا معني نص ولو كان الجمع كافيا فيه لاكتفى بالاثنين فإن الجماعة تنعقد بهما.
(فصل) فاما الاستيطان فهو شرط في قول أكثر أهل العلم الإقامة في قرية على الأوصاف المذكورة لا يظعنون عنها صيفا ولا شتاء ولا تجب على مسافر ولا على مقيم في قرية يظعن أهلها عنها في الشتاء دون الصيف أو في بعض السنة فإن خربت القرية أو بعضها وأهلها مقيمون بها عازمون على اصلاحها فحكمها باق في إقامة الجمعة بها وان عزموا على النقلة عنها لم تجب عليهم لعدم الاستيطان (فصل) واختلفت الرواية في شرطين آخرين أحدهما الحرية ونذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى، والثاني اذن الإمام والصحيح أنه ليس بشرط وبه قال مالك والشافعي وأبو ثور والثانية هو شرط روي ذلك عن الحسن والأوزاعي وحبيب بن أبي ثابت وأبي حنيفة لأنه لا يقيمها الا الأئمة في كل عصر فصار ذلك اجماعا.
ولنا أن عليا صلى الجمعة بالناس وعثمان محصور فلم ينكره أحد وصوب ذلك عثمان وأمر بالصلاة معهم، فروى حميد بن عبد الرحمن عن عبيد الله بن عدي بن الخيار أنه دخل على عثمان وهو محصور فقال إنه قد نزل بك ما ترى وأنت إمام العامة وهو يصلي بنا إمام فتنة وأنا أتحرج من الصلاة معه فقال إن الصلاة من أحسن ما يعمل الناس فإذا أحسنوا فأحسن معهم وإذا أساؤا فاجتنب إساءتهم أخرجه البخاري والأثرم وهذا لفظ رواية الأثرم وقال أحمد وقعت الفتنة بالشام تسع سنين فكانوا يجمعون