الناس (رأيتك أنيت وآذيت) أي أخرت المجئ وقال عمر لعثمان حين جاء وهو يخطب أي ساعة هذه على سبيل الانكار عليه وان أخر أكثر من هذا فاتته الجمعة فكيف يكون لهؤلاء بدنة أو بقرة أو فضل وهم من أهل الذم وقوله راح إلى الجمعة أي ذهب إليها لا يحتمل غير هذا (فصل) والمستحب ان يمشي ولا يركب في طريقها لقوله (ومشى ولم يركب) وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يركب في عيد ولا جنازة والجمعة في معناهما وإنما لم يذكرها لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان باب حجرته شارعا في المسجد يخرج منه إليه فلا يحتمل الركوب ولان الثواب على الخطوات بدليل ما رويناه ويستحب أن يكون عليه السكينة والوقار في حال مشيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا) ولان الماشي إلى الصلاة في صلاة ولا يشبك بين أصابعه ويقارب بين خطاه لتكثر حسناته، وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج مع زائد بن ثابت إلى الصلاة فقارب بين خطاه ثم قال إنما فعلت لتكثر خطانا في طلب الصلاة، وروي عن عبد الله بن رواحة انه كان يبكر إلى الجمعة ويخلع نعليه ويمشي حافيا تصر في مشيه رواه الأثرم ذكر الله في طريقه وبغض بصره ويقول ما ذكرناه في باب صفة الصلاة ويقول أيضا: اللهم اجعلني من أوجه من توجه إليك وأقرب من توسل إليك وأفضل من سألك ورغب إليك. وروينا عن بعض الصحابة انه مشى إلى الجمعة حافيا فقيل له في ذلك فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار) (فصل) وتجب الجمعة والسعي إليها سواء كان من يقيمها سنيا أو مبتدعا أو عدلا أو فاسقا نص عليه أحمد وروي عن العباس ابن عبد العظيم انه سأل أبا عبد الله عن الصلاة خلفهم يعني المعتزلة يوم الجمعة قال أما الجمعة فينبغي شهودها فإن كان الذي يصلي منهم أعاد وإن كان لا يدري أنه منهم فلا يعيد قلت فإن كان يقال أنه قد قال بقولهم قال حتى يستيقن ولا أعلم في هذا بين أهل العلم
(١٤٨)