فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه قد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش) رواه مسلم فمدا باحة المسألة إلى وجود إصابة القوام أو السداد ولان الحاجة هي الفقر والغنى ضدها، فمن كان محتاجا فهو فقير يدخل في عموم النص، ومن استغنى دخل في عموم النصوص المحرمة والحديث الأول فيه ضعف، ثم يجوز أن تحرم المسألة ولا يحرم أخذ الصدقة إذا جاءته من غير مسألة، فإن المذكور فيه تحريم المسألة فنقتصر عليه. وقال الحسن وأبو عبيد: الغنى ملك أوقية وهي أربعون دراهما لما روى أبو سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف) وكانت الأوقية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين درهما. رواه أبو داود، وقال أصحاب الرأي: الغنى الموجب للزكاة هو المانع من أخذها وهو ملك نصاب تجب فيه الزكاة من الأثمان والعروض المعدة للتجارة أو السائمة أو غيرها لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ (اعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم) فجعل الأغنياء من تجب عليهم الزكاة، فيدل ذلك على أن من تجب عليه غنى، ومن لا تجب عليه ليس بغني فيكون فقيرا فتدفع الزكاة إليه لقوله (فترد في فقرائهم) ولان الموجب للزكاة غنى والأصل عدم الاشتراك، ولان من لا نصاب له لا تجب عليه الزكاة ولا يمنع منها كمن يملك دون الخمسين ولا له ما يكفيه فيحصل الخلاف بيننا وبينهم في أمور ثلاثة (أحدها) أن الغنى المانع من الزكاة غير الموجب عندنا، ودليل ذلك حديث ابن مسعود وهو أخص من حديثهم فيجب تقديمه، ولان حديثهم دل على الغنى الموجب وحديثنا دل على الغنى المانع ولا تعارض بينهما فيجب الجمع بينهما. وقولهم الأصل عدم الاشتراك، قلنا قد قام دليلة بما ذكرناه فيجب الاخذ به (الثاني) أن من له ما يكفيه من مال غير زكائي، أو من مكسبه، أو أجرة عقارات أو غيره، ليس له الاخذ من الزكاة، وبهذا قال الشافعي واسحق وأبو عبيدة وابن المنذر. وقال أبو يوسف: ان دفع الزكاة إليه فهو قبيح وأرجو أن يجزئه. وقال أبو حنيفة وسائر أصحابه: يجوز دفع الزكاة إليه لأنه ليس بغني لما ذكروه في حجتهم
(٥٢٤)