(فصل) فأما تعجيل العشر من الزرع والثمرة فظاهر كلام القاضي أنه لا يجوز لأنه قال: كل ما تتعلق الزكاة فيه بسببين: حول ونصاب، جاز تعجيل زكاته فمفهوم هذا أنه لا يجوز تعجيل زكاة غيره لأن الزكاة معلقة بسبب واحد وهو ادراك الزرع والثمرة، فإذا قدهما قدهما قبل وجود سببها لكن ان أداها بعد الادراك وقبل يبس الثمرة وتصفية الحب جاز. وقال أبو الخطاب: يجوز اخراجها بعد وجود الطلع والحصرم، ونبات الزرع، ولا يجوز قبل ذلك لأن وجود الزرع وطلاع النخيل بمنزلة النصاب، والادراك بمنزلة حلول الحول فجاز تقديمها عليه، وتعلق الزكاة بالادراك لا يمنع جواز التعجيل بدليل أن زكاة الفطر يتعلق وجوبها بهلال شوال وهو زمن الوجوب، فإذا ثبت هذا فإنه لا يجوز تقديمها قبل ذلك لأنه يكون قبل وجود سببها (فصل) وإن عجل زكاة ماله ثم مات فأراد الوارث الاحتساب بها عن زكاة حوله لم يجز، وذكر القاضي وجها في جوازه بناء على ما لو عجل زكاة عامين، ولا يصح لأنه تعجيل للزكاة قبل وجود سببها أشبه ما لو عجل زكاة نصاب لغيره ثم اشتراه، وذلك لأن سبب الزكاة ملك النصاب وملك الوارث حادث ولا يبني الوارث على حول الموروث ولأنه لم يخرج الزكاة، وإنما أخرجها غيره عن نفسه، واخراج الغير عنه من غير ولاية ولا نيابة لا يجزي ولو نوى، فكيف إذا لم ينو، وقد قال أصحابنا لو أخرج زكاته وقال إن كان مورثي قد مات فهذه زكاة ماله فبان أنه قد مات لم يقع الموقع وهذا أبلغ، ولا يشبه هذا تعجيل زكاة العامين لأنه عجل بعد وجود السبب وأخرجها بنفسه بخلاف هذا، فإن قيل فإنه لما مات المورث قبل الحول كان للوارث ارتجاعها، فإذا لم يرتجعها احتسب بها كالدين قلنا فلو أراد أن يحسب الدين عن زكاته لم يصح، ولو كان له عند رجل شاة من غصب أو قرض فأراد أن يحسبها عن زكاته لم تجزه (مسألة) قال (ومن قدم زكاة ماله فأعطاها لمستحقها فمات المعطي قبل الحول أو بلغ الحول وهو غني منها أو من غيرها أجزأت عنه) وجملة ذلك أنه إذا دفع الزكاة المعجلة إلى مستحقها لم يخل من أربعة أقسام (أحدها) أن لا يتغير الحال فإن المدفوع يقع موقعه ويجزئ عن المزكي ولا يلزمه بدله، ولاله استرجاعه كما لو دفعها بعد وجوبها (الثاني) أن يتغير حال الآخذ لها بأن يموت قبل الحول، أو يستغني، أن يرتد قبل الحول فهذا في حكى القسم الذي قبله، وبهذا قال أبو حنيفة وقال الشافعي: لا يجزئ لأن ما كان شرطا للزكاة إذا عدم قبل الحول لم يجز كما لو تلف المال أو مات وبه
(٥٠٣)