ولاهم ساكنون بقرية ولا في موضع جعل للاستيطان، وأما اعتبار حقيقة النداء فلا يمكن لأنه قد يكون من الناس الأصم وثقيل السمع، وقد يكون النداء بين يدي المنبر فلا يسمعه إلا من في الجامع وقد يكون المؤذن خفى الصوت أو في يوم ذي ريح ويكون المستمع نائما أو مشغولا بما يمنع السماع فلا يسمع ويسمع من هو أبعد منه فيفضي إلى وجوبها على البعيد دون القريب وما هذا سبيله ينبغي أن يقدر بمقدار لا يختلف والموضع الذي يسمع منه النداء في الغالب إذا كان المنادي صيتا في موضع عال والريح ساكنة والأصوات هادئة والمستمع سميع غير ساه ولا لاه - فرسخ أو ما قاربه فحد به والله أعلم (فصل) وأهل القرية لا يخلون من حالين إما أن يكون بينهم وبين المصر أكثر من فرسخ أولا فإن كان بينهم أكثر من فرسخ لم يجب عليهم السعي إليه وحالهم معتبر بأنفسهم، فإن كانوا أربعين اجتمعت فيهم شرائط الجمعة فعليهم اقامتها وهم مخيرون بين السعي إلى المصر وبين اقامتها في قريتهم، والأفضل اقامتها لأنه متى سعى بعضهم أخل على الباقين الجمعة، وإذا أقاموا حضرها جميعهم وفي اقامتها بموضعهم تكثير جماعات المسلمين، وإن كانوا ممن لا تجب عليهم الجمعة بأنفسهم فهم مخيرون بين السعي إليها وبين أن يصلوا ظهرا، والأفضل السعي إليها لينال فضل الساعي إلى الجمعة ويخرج من الخلاف. والحال الثاني أن يكون بينهم وبين المصر فرسخ فما دون فينظر فيهم فإن كانوا أقل من أربعين فعليهم السعي إلى الجمعة لما قدمنا، وان كانوا ممن تجب عليهم الجمعة بأنفسهم وكان موضع
(٢١٦)