روى أبو عبيد باسناده عن عكرمة مولى بلال بن الحارث المزني قال: أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم بلال أرض كذا من مكان كذا إلى كذا وما كان فيها من جبل أو معدن قال: فباع بنو بلال من عمر بن عبد العزيز أرضا فخرج فيها معدنان فقالا: إنما بعناك أرض حرث ولم نبعك المعدن وجاؤا بكتاب القطيعة التي قطعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبيهم في جريدة، قال فجعل عمر يمسحها على عينه وقال لقيمة:
انظر ما استخرجت منها، وما أنفقت عليها فقاصهم بالنفقة، ورد عليهم الفضل، فعلى هذا ما يجده في ملك، أو في موات فهو أحق به، وإن سبق اثنان إلى معدن في موات فالسابق أولى به ما دام يعمل، فإذا تركه جاز لغيره العمل فيه وما يجده في مملوك ماله فهو لمالك المكان، فأما المعادن الجارية فهي مباحة على كل حال إلا أنه يكره له دخول ملك غيره إلا باذنه، وقد روي أنها تملك بملك الأرض التي هي فيها لأنها من نمائها وتوبعها فكانت لمالك الأرض كفروع الشجر المملوك وثمرته (فصل) ويجوز بيع تراب المعدن والصاغة بغير جنسه ولا يجوز بجنسه إن كان مما يجري فيه الربا لأنه يؤدي إلى الربا والزكاة على البائع لأنها وجبت في يده كما لو باع الثمرة بعد بدو صلاحها، وقد روي أبو عبيد في الأموال أن أبا الحارث المزني اشترى تراب معدن بمائة شاة متبع فاستخرج منه ثمن ألف شاة، فقال له البائع رد علي البيع، فقال لا أفعل، فقال لآتين عليا فلآتين عليك يعني أسعى بك فأتى علي بن أبي طالب فقال: ان أبا الحارث أصاب معدنا فأتاه علي فقال: أين الركاز الذي أصبت فقال ما أصبت ركازا، إنما أصابه هذا فاشتريته منه بمائة متبع فقال له علي ما أرى الخمس الا عليك قال فخمس المائة شاة. إذا ثبت هذا فالواجب عليه زكاة المعدن لا زكاة الثمن لأن الزكاة إنما تعلقت بعين المعدن أو بقيمته إن لم يكن من جنس الأثمان فأشبه ما لو باع السائمة بعد حولها، أو الزرع والثمرة بعد بدو صلاحها (فصل) ومن أجر داره فقبض كراها فلا زكاة عليه فيه حتى يحول عليه الحول، وعن أحمد أنه يزكيه إذا استفاده والصحيح الأول لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول) ولأنه مال مستفاد بعقد معاوضة فأشبه ثمن المبيع، وكلام احمد في الرواية الأخرى محمول على من أجر داره سنة وقبض أجرتها في آخرها فأوجب عليه زكاتها لأنه قد ملكها من أول الحول فصارت كسائر الديون إذا قبضها بعد حول زكاها حين يقبضها فإنه قد صرح بذلك في بعض الروايات عنه فيحمل مطلق كلامه على مقيده