ولنا ما روى البخاري في حديث أنس الذي ذكرنا أوله (لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة) وما كان من خليطين، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، ولا يجئ التراجع إلا على قولنا في خلطة الأوصاف. وقوله: لا يجمع بين متفرق، إنما يكون هذا إذا كان لجماعة، فإن الواحد يضم ماله بعضه إلى بعض وإن كان في أماكن وهذا لا يفرق بين مجتمع، ولان للخلطة تأثيرا في تخفيف المؤنة فجاز أن تؤثر في الزكاة كالسوم والسقي، وقياسهم مع مخالفة النص غير مسموع إذا ثبت هذا فإن خلطة الأوصاف يعتبر فيها اشتراكهم في خمسة أوصاف، المسرح والمبيت والمحلب والمشرب والفحل. قال احمد: الخليطان أن يكون راعيهما واحدا، ومراحهما واحدا، وشربهما واحدا، وقد ذكر احمد في كلامه شرطا سادسا وهو الراعي. قال الخرقي: وكان مرعاهم ومسرحهم واحدا، فيحتمل أنه أراد بالمرعى الراعي ليكون موافقا لقول احمد ولكون المرعى هو المسرح:
قال ابن حامد: المرعى والمسرح شرط واحد، وإنما ذكر احمد المسرح ليكون فيه راع واحد والأصل في هذا ما روى الدارقطني في سننه باسناده عن سعد بن أبي وقاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة والحيطان ما اجتمعا في الحوض والفحل والراعي) وروي الرعي، وبنحو من هذا قال الشافعي وقال بعض مالك: لا يعتبر في الخلطة الا شرطان: الراعي والمرعي لقوله عليه السلام (لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق) والاجتماع يحصل بذلك ويسمي خلطة فاكتفي به ولنا قوله صلى الله عليه وسلم (والخليطان ما اجتمعا في الحوض والراعي والفحل) فإن قيل فلم اعتبرتم زيادة على هذا؟ قلنا هذا تنبيه على بقية الشرائط والغاء لما ذكروه، ولان لكل واحد من هذه الأوصاف تأثيرا فاعتبر كالمرعى. إذا ثبت هذا فالمبيت معروف وهو المراح الذي تروح إليه الماشية، قال الله تعالى (حين تريحون وحين تسرحون) والمسرح والمرعى واحد وهو الذي ترعى فيه الماشية يقال سرحت الغنم إذا مضت إلى المرعى، وسرحتها انا بالتخفيف والتثقيل ومنه قوله تعالى (وحين تسرحون)