ورد السلام ففيه روايتان قال الأثرم سمعت أبا عبد الله سئل يرد الرجل السلام يوم الجمعة؟ فقال نعم ويشمت العاطس؟ فقال نعم والإمام يخطب، قال أبو عبد الله قد فعله غير واحد قال ذلك غير مرة وممن رخص في ذلك الحسن والشعبي والنخعي والحكم وقتادة والثوري واسحق وذلك لأن هذا واجب فوجب الاتيان به في الخطبة كتحذير الضرير، والرواية الثانية إن كان لا يسمع رد السلام وتشميت العاطس وإن كان يسمع لم يفعل قال أحمد إذا سمعت الخطبة فاستمع وانصت ولا تقرأ ولا تشمت وإذا لم تسمع الخطبة فاقرأ وشمت ورد السلام وقال أبو داود قلت لأحمد يرد السلام والإمام يخطب ويشمت العاطس؟ قال إذا كان ليس يسمع الخطبة فيرد وإذا كان يسمع فلا. لقول الله تعالى (فاسمعوا له وأنصتوا) وقيل لأحمد الرجل يسمع نغمة الإمام بالخطبة ولا يدري ما يقول يرد السلام؟ قال لا، إذا سمع شيئا وروي نحو ذلك عن عطاء وذلك لأن الانصات واجب فلم يجز الكلام المانع منه من غير ضرورة كالأمر بالانصات بخلاف من لم يسمع وقال القاضي لا يرد ولا يشمت وروي نحو ذلك عن ابن عمر وهو قول مالك والأوزاعي وأصحاب الرأي واختلف قول الشافعي فيحتمل أن يكون هذا القول مختصا بمن يسمع دون من لم يسمع فيكون مثل الرواية الثانية ويحتمل أن يكون عاما في كل حاضر يسمع أو لم يسمع لأن وجوب الانصات شامل لهم فيكون المنع من رد السلام وتشميت العاطس ثابتا في حقهم كالسامعين (فصل) لا يكره الكلام قبل شروعه في الخطبة وبعد فراغه منها وبهذا قال عطاء وطاوس والزهري وبكر المزني والنخعي ومالك والشافعي واسحق ويعقوب ومحمد وروي ذلك عن ابن عمر وكرهه الحكم وقال أبو حنيفة إذا خرج الإمام حرم الكلام قال ابن عبد البر إن عمر وابن عباس كانا يكرهان الكلام والصلاة بعد خروج الإمام ولا مخالف لهما في الصحابة ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب انصت فقد لغوت)
(١٦٩)