(فصل) ولا يصح غسل الكافر المسلم لأنه عبادة وليس الكافر من أهلها. وقال مكحول في امرأة توفيت في سفر ومعها ذو محرم ونساء نصارى يغسلها النساء، وقال سفيان في رجل مات مع نساء ليس معهن رجل، قال إن وجدوا نصرانيا أو مجوسيا فلا بأس إذا توضأ أن يغسله ويصلي عليه النساء وغسلت امرأة علقمة امرأة نصرانية ولم يعجب هذا أبا عبد الله وقال لا يغسله الا مسلم وييمم لأن الكافر نجس فلا يطهر غسله المسلم (1) ولأنه ليس من أهل العبادة فلا يصح غسله للمسلم كالمجنون، وان مات كافر مع مسلمين لم يغسلوه سواء كان قريبا منهم أو لم يكن ولا يتولوا دفنه الا ان لا يجدوا من يواريه وهذا قول مالك، وقال أبو حفص العكبري يجوز له غسل قريبه الكافر ودفنه وحكاه قولا لأحمد وهو مذهب الشافعي لما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ان عمك الشيخ الضال قد مات فقال النبي صلى الله عليه وسلم (اذهب فواره) ولنا انه لا يصلي عليه ولا يدعو له فلم يكن له غسله وتولي أمره كالأجنبي، والحديث إن صح يدل على مواراته وله ذلك إذا خاف من التعير به والضرر ببقائه قال أحمد رحمه الله في يهودي أو نصراني مات وله ولد مسلم فليركب دابة وليسر إمام الجنازة، وإذا أراد ان يدفن رجع مثل قول عمر رضي الله عنه.
(مسألة) قال (والشهيد إذا مات في موضعه لم يغسل ولم يصل عليه) يعني إذا مات في المعترك فإنه لا يغسل رواية واحدة، وهو قول أكثر أهل العلم ولا نعلم فيه خلافا إلا عن الحسن وسعيد بن المسيب قالا يغسل الشهيد ما مات ميت الا جنبا. والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في ترك غسلهم أولى.
فأما الصلاة عليه فالصحيح انه لا يصلى عليه، وهو قول مالك والشافعي واسحق، وعن أحمد رواية أخرى انه يصلى عليه اختارها الخلال وهو قول الثوري وأبي حنيفة الا ان كلام احمد في هذه الرواية يشير إلى أن الصلاة عليه مستحبة غير واجبة، قال في موضع ان صلي عليه فلا بأس به، وفى موضع آخر قال يصلى وأهل الحجاز لا يصلون عليه، وما تضره الصلاة لا بأس به، وصرح بذلك في رواية المروذي، فقال الصلاة عليه أجود وان لم يصلوا عليه أجزأ فكان الروايتين في استحباب الصلاة لا في وجوبها إحداهما يستحب لما روى عقبة ان النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف إلى المنبر متفق عليه، وعن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد ولنا ما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بدفن شهداء أحد في دمائهم ولم يغسلهم ولم يصل عليهم متفق عليه، ولأنه لا يغسل مع امكان غسله فلم يصل عليه كسائر من لم يغسل، وحديث عقبة مخصوص بشهداء أحد فإنه صلى عليهم في القبور بعد ثماني سنين وهم لا يصلون على القبر أصلا، ونحن لا نصلي عليه