وان لم يكن اخراجه إلا بمثلة ولم يكن إلى البئر حاجة طمت عليه فكانت قبره، وإن كان طمها يضر بالمارة أخرج بالكلاليب سواء أفضى إلى المثلة أو لم يقض لأن فيه جمعا بين حقوق كثيرة نفع المارة وغسل الميت، وربما كانت المثلة في بقائه أعظم لأنه يتقطع وينتن، فإن نزل على البئر قوم فاحتاجوا إلى لماء وخافوا علي أنفسهم فلهم اخراجه وجها واحدا وان حصلت مثلة، لأن ذلك أسهل من تاب نفوس الاحياء، ولهذا لو لم يجد من السترة الا كفن الميت واضطر الحي إليه قدم الحي، ولان حرمة الحي وحفظ نفسه أولى من حفظ الميت عن المثلة لأن زوال الدنيا أهون على الله من قتل مسلم، ولان الميت لو بلع مال غيره شق بطنه لحفظ مال الحي وحفظ النفس أولى من حفظ المال والله أعلم (مسألة) قال (وإن كان شاربه طويلا أخذ وجعل معه) وجملته ان شارب الميت إن كان طويلا استحب قصه وهذا قول الحسن وبكر بن عبد الله وسعيد بن جبير واسحق. وقال أبو حنيفة ومالك لا يؤخذ من الميت شئ فإنه قطع شئ منه فلم يستحب كالختان، واختلف أصحاب الشافعي كالقولين ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (اصنعوا بموتاكم كما تصنعون بعرائسكم) والعروس يحسن، ويزال عنه ما يستقبح من الشارب وغيره ولان تركه يقبح فشرعت ازالته كفتح عينيه وفمه شرع ما يزيله، ولأنه فعل مسنون في الحياة لا مضرة فيه فشرع بعد الموت كالاغتسال، ويخرج على هذا الحتان لما فيه من المضرة، فإذا أخذ الشعر جعل في أكفانه لأنه من الميت فيستحب جعله في أكفانه كأعضائه، وكذلك كل ما أخذ من الميت من شعر أو ظفر أو غيرهما فإنه يغسل وبجعله معه في أكفانه كذلك (فصل) فأما الأظفار إذا طالت ففيها روايتان: إحداهما لا تقلم، قال أحمد: لا تقلم أظفاره وينقى وسخها وهو ظاهر كلام الخرقي لقوله: والخلال يستعمل ان احتيج إليه، والخلال يزال به ما تحت الأظفار لأن الظفر لا يظهر كظهور الشارب فلا حاجة إلى قصه. والثانية يقص إذا كان فاحشا نص عليه لأنه من السنة ولا مضرة فيه فيشرع أخذه كالشارب، ويمكن أن تحمل الرواية الأولى على ما إذا لم تكن فاحشة. وأما العانة فظاهر كلام الخرقي انها لا تؤخذ لتركه ذكرها وهو قول ابن سيرين ومالك وأبي حنيفة لأنه يحتاج في أخذها إلى كشف العورة ولمسها وهتك الميت وذلك محرم لا يفعل لغير واجب ولان العورة مستورة يستغنى بسترها عن ازالتها. وروي عن أحمد أن أخذها مسنون وهو قول الحسن وبكر بن عبد الله وسعيد بن جبير واسحق لأن سعد بن أبي وقاص جز عانة ميت ولأنه شعر ازالته من السنة فأشبه الشارب والأول أولى، ويفارق الشارب العانة لأنه ظاهر يتفاحش لرؤيته ولا يحتاج في أخذه إلى كشف العورة ولا مسها. فإذا قلنا بأخذها فإن حنبلا روى أن أحمد سئل ترى أن تستعمل النورة؟ قال الموسى أو مقراض يؤخذ به الشعر من عانته.
(٤٠٨)