الحر وهو الخالص الصلب الذي له قوة تمسك المحل وقد ذكر أحمد أنه لا يوضأ ويحتمل أنه يوضأ وضوء الصلاة كالجنب إذا أحدث بعد غسله وهذا أحسن (فصل) والحائض والجنب إذا ماتا كغيرهما في الغسل، قال ابن المنذر هذا قول من نحفظ عنه من علماء الأمصار وقال الحسن وسعيد بن المسيب ما مات ميت الا جنب وقيل عن الحسن أنه يغسل الجنب للجنابة والحائض للحيض ثم يغسلان للموت والأول أولى لأنهما خرجا من أحكام التكليف ولم يبق عليهما عبادة واجبة وإنما الغسل للميت تعبد وليكون في حال خروجه من الدنيا على أكمل حال من النظافة والنضارة وهذا يحصل بغسل واحد ولان الغسل الواحد يجزي من وجد في حقه موجبان له كما لو اجتمع الحيض والجنابة (فصل) والواجب في غسل الميت النية والتسمية في إحدى الروايتين وغسله مرة واحدة لأنه غسل تعبد عن غير نجاسة أصابته شرط لصحة الصلاة فوجب ذلك فيه كغسل الجنابة وقد شبه أحمد غسله بغسل الجنابة ولما تعذرت النية والتسمية من الميت اعتبرت في الغاسل لأنه المخاطب بالغسل قال عطاء يجزيه غسلة واحدة أن انقوه وقال أحمد لا يعجبني أن يغسل واحدة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (اغسلنها ثلاثا أو خمسا) وهذا على سبيل الكراهة دون الاجزاء لما ذكرناه ولان النبي صلى الله عليه وسلم قال في المحرم الذي وقصته ناقته (اغسلوه بماء وسدر) لم يذكر عددا، وقال ابن عقيل يحتمل أن تعتبر النية لأن القصد التنظيف فأشبه غسل والنجاسة ولا يصح هذا لأنه لو كان كذلك لما وجب غسل متنظف ولجاز غسله بماء الورد وسائر ما يحصل به التنظيف، وإنما هو غسل تعبد أشبه غسل الجنابة (مسألة) قال (وينشفه بثوب ويجمر أكفانه) وجملته انه إذا فرغ الغاسل من غسل الميت نشفه بثوب لئلا يبل أكفانه، وفي حديث أم سليم فإذا فرغت منها فألق عليها ثوبا نظيفا، وذكر القاضي في حديث ابن عباس في غسل النبي صلى الله عليه وسلم قال فجففوه بثوب، ومعنى تجمير أكفانه تبخيرها بالعود وهو أن يترك العود على النار في مجمر ثم يبخر به الكفن حتى تعبق رائحته ويطيب ويكون ذلك بعد أن يرش عليه ماء الورد لتعلق الرائحة به، وقد روي عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا جمرتم الميت فجمروه ثلاثا) وأوصي أبو سعيد وابن عمر وابن عباس أن تجمر أكفانهم بالعود وقال أبو هريرة يجمر الميت ولان هذا عادة الحي عند غسله وتجديد ثيابه أن يجمر بالطيب والعود فكذلك الميت (مسألة) قال (ويكفن في ثلاثة أثواب بيض يدرج فيها ادراجا ويجعل الحنوط فيما بينها) الأفضل عند إمامنا رحمه الله أن يكفن الرجل في ثلاث لفائف بيض ليس فيها قميص ولا عمامة
(٣٢٨)