وثانيا: أنه في المقام، لا يحمل المطلق على المورد الأخص، ولو قلنا:
بحمل المطلق على المقيد في المثبتين، كقوله: «أعتق رقبة» و «أعتق رقبة مؤمنة» فإنه في مثله يمكن أن يقال: إن ظهور القيد في القيدية والدخالة، أظهر من ظهور المطلق في الإطلاق.
وأما في مثل المقام، الذي يذكر في الدليل بعض مصاديق المطلق، كما في نحو «أوف بالعقد» و «أوف بالصلح» فلا مجال لذلك إلا مع الالتزام بمفهوم اللقب.
وبعبارة أخرى: بعد تمامية الحجة في المطلق المنفصل أو العموم كذلك، لا يصح رفع اليد عنها بمجرد ورود حكم نحو الحكم المطلق على بعض المصاديق، ولم يكن حمل المطلق عليه في مثله عرفيا عقلائيا.
فقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «البيعان بالخيار» (1) حجة ظاهرة على الإطلاق، مع الغض عن المناقشة في إطلاقه، كما هو المفروض فعلا، وقوله: «التاجران بالخيار» لا ينافيه إلا مع صحة دعوى المفهوم، أو دعوى ظهوره في الاستقلال، وهي كما ترى:
أما عدم المفهوم فظاهر.
وأما بطلان دعوى الاستقلال; فلأن احتماله لا يكون بمثابة يصح معها رفع اليد عن الحجة، فالأخذ بالإطلاق متعين، بعد عدم عرفية هذا الحمل.
ومنها: صحيحة محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «المتبايعان بالخيار ثلاثة أيام في الحيوان، وفيما سوى ذلك من بيع حتى يفترقا» (2).