تارة: تعارضا بالذات; بأن أكل المال على وجه الخدع أكل بالباطل، فيشمله الصدر، وتجارة عن تراض فيشمله الذيل.
وأخرى: تعارضا بالعرض; بأن التجارة عن تراض، تشمل ما كان الغبن فيه على غير وجه الخدعة فقط، والأكل بالباطل يختص بما كان الغبن فيه على وجهها، ومع عدم القول بالفصل في الموردين، يقع التعارض، فيرجع على الفرضين إلى أصالة اللزوم (1).
وفيه ما لا يخفى، سواء قلنا: بأن الاستثناء متصل، ومخرج للتجارة عن الأكل المنهي على جميع الوجوه (2)، وقوله تعالى: (بالباطل) تعليل للمستثنى منه; وذلك لإخراج التجارة عن تراض عن سائر الوجوه، فلا يحرم الأكل بها، ولا تكون من الأسباب الباطلة.
أم قلنا: بأنه منقطع (3); فإن معنى الانقطاع في الاستثناء، ليس استقلال الجملتين; بحيث لا ترتبط إحداهما بالأخرى بوجه.
بل الظاهر المطابق للفصاحة والاعتبار، أن المتكلم بصدد تأكيد الجملة المستثنى منها، وإخراج ما لا يكون داخلا; بدعوى أنه لما لم يكن المستثنى منه قابلا للإخراج منه، أخرج ما لم يكن داخلا; وذلك لأجل التأكيد، كقوله تعالى:
(لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما * إلا قيلا سلاما سلاما) (4) ومعه يكون للكلام