الا إرادة الاستقامة والاعتدال في الدين دون العرف والعادة وكذا المراد بالستر والعفاف بحسب الظاهر هو التعفف باجتناب المحارم وعدم التجاهر بالفسوق والعصيان وان شئت قلت يكفي في صدق هذين العنوانين كونه مشغولا بعيوبه عن عيوب الناس غير متظاهر بشئ من المعاصي وكذا المراد بكف البطن والفرج واللسان هو الكف عن المحارم لا مطلق مشتهياتها حتى المباحات وكذا المراد بعيوبه على الظاهر ما يعد منقصة في الشرع أي ما يورث نقصا في دينه لا مطلق ما يراه العرف منقصة فيه ولو في نظم معاشه ومعاشرته مع الناس والا للزم منه تخصيص الأكثر إذا المنقصة غير منحصرة في منافيات المروة كما لا يخفى وان أبيت عن ذلك كله فنقول قوله عليه السلام في رواية علقمة فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا ولم يشهد عليه بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة والستر وشهادته مقبولة حاكم على جميع ذلك وشاهد على أن المراد بالستر والعفاف المأخوذ في تعريف العدالة ليس الا عدم تظاهره بالفسوق والعصيان وربما يؤيده اطلاق جملة من الروايات الواردة في باب الشهادة التي ليس فيها اشعار بشرطية الاجتناب عن منافيات المروة في قبول الشهادة مثل ما ورد من نفى البأس عن شهادة المكارى والجمال و الملاح إذا كانوا صلحاء وفي صحيحة حريز إذا كانوا أربعة من المسلمين ليس يعرفون بشهادة الزور أجيزت شهادتهم إلى غير ذلك من الروايات المتقدمة فالقول باعتبار الاجتناب عن منافيات المروة في مفهوم العدالة ضعيف نعم لا يبعد ان يدعى ان ارتكابها مخل عرفا بحسن ظاهره وبكاشفيته عن ملكة التقوى والصلاح كما يؤمى إليه قوله عليه السلام والدلالة على ذلك كله ان يكون ساتر الجميع عيوبه بناء على أن يكون المراد بالعيوب ما يعمها والله العالم بقي الكلام فيما اشتهر بينهم من التفصيل بين الكبيرة والصغيرة وان الكبيرة فعلها مناف للعدالة مطلقا وان الصغيرة لا تنافيها الا مع الاصرار وهذا لا يخلو من الاشكال موضوعا وحكما إذ الكبيرة مما اختلفت الكلمات في تفسيرها وتشخيصها غاية الاختلاف فعن جملة من الأصحاب القول بأن المعاصي كلها كبائر لكن بعضها أكبر من بعض وليس في الذنوب صغيرة بل عن بعض منهم دعوى الاجماع عليه فعن السرائر بعد نقل كلام الشيخ في المبسوط الظاهر في أن الذنوب على قسمين صغائر وكبائر أنه قال هذا القول لم يذهب إليه ره الا في هذا الكتاب ولا ذهب إليه أحد من أصحابنا لأنه لا صغائر عندنا في المعاصي الا بالإضافة إلى غيرها انتهى وقيل إن الكبيرة كل ذنب توعد الله تعالى عليه بالعذاب في كتابه العزيز بل ربما نسب هذا القول إلى المشهور وعن مفتاح الكرامة في تعداد الأقوال قال قيل إنها كل ذنب رتب عليه الشارع حدا أو صرح فيه بالوعيد وقيل هي كل معصية تؤذن بقلة اعتناء فاعلها بالدين وقيل كلما علمت حرمته بدليل قاطع وقيل كلما توعد عليه توعدا شديدا في الكتاب أو السنة إلى غير ذلك من الأقوال المتشتة التي أشار إليها في الجواهر وأوثق ما في هذا الباب ما افاده شيخنا المرتضى ره حيث قال كون المعصية كبيرة تثبت بأمور الأول النص المعتبر على أنها كبيرة كما ورد في بعض المعاصي وقد عد منها في الحسن كالصحيح المروى عن الرضا من نيف وثلثين فإنه كتب إلى المأمون من محض الايمان اجتناب الكبائر وهى قتل النفس التي حرم الله والزنا والسرقة وشرب الخمر وعقوق الوالدين والفرار من الزحف واكل مال اليتيم ظلما أو اكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به من غير ضرورة واكل الربا بعد البينة والسحت والميسر وهو القمار والبخس في المكيال والميزان وقذف المحصنات واللواط وشهادة الزور واليأس من روح الله والامن من مكر الله والقنوط من رحمة الله ومعونة الظالمين والركون إليهم واليمين الغموس وحبس الحقوق من غير عسرة والكذب والكبر والاسراف والتبذير والخيانة والاستخفاف بالحج والمحاربة لأولياء الله والاشتغال بالملاهي والاصرار علي الذنوب الثاني النص المعتبر على أنها مما أوجب الله عليه النار سواء أوعد في الكتاب أو اخبر النبي صلى الله عليه وآله أو الإمام عليه السلام بأنه مما يوجب النار بدلالة الصحاح المروية في الكافي وغيرها على أنها ما أوجب الله عليه النار ولا ينافيه ما دل على أنها مما أوعد الله عليه النار بناء على أن ايعاد الله انما هو في كلامه المجيد فهو مقيد لاطلاق ما أوجب الله أقول الظاهر عدم سلامة قوله ولا ينافيه اه إلى اخره من الغلط ولعل قوله ولا ينافيه أصله ولكن ينافيه إلى آخره فوقع التحريف من سهو النساخ ثم قال الثالث النص في الكتاب الكريم على ثبوت العقاب عليه بالخصوص يعنى لا من حيث عموم المعصية ليشمله قوله تعالى ومن يعص الله ورسوله فان له نار جهنم ونحو ذلك ما إذا كشف السنة عن ايعاد الله تعالى مثل قوله عليه السلام من قال في مؤمن ما رأت عيناه أو سمعت أذناه فهو من الذين قال الله تعالى الذين يحبون إلى آخره والدليل على ثبوت الكبيرة بما ذكر في هذا الوجه صحيحة عبد العظيم بن عبد الله الحسنى المروية في الكافي عن أبي جعفر الثاني عن أبيه عن جده عليه السلام يقول دخل عمر وبن عبيد على أبي عبد الله عليه السلام فلما سلم وجلس تلا هذه الآية الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش ثم امسك فقال له أبو عبد الله عليه السلام ما امسكك قال أحب ان اعرف الكبائر من كتاب الله عز وجل فقال عليه السلام نعم يا عمر وأكبر الكبائر الاشراك بالله يقول الله من يشرك بالله فقد حرم عليه الجنة وبعده اليأس من روح الله لان الله تعالى يقول لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون ثم الامن من مكر الله لان الله عز وجل يقول فلا يأمن من مكر الله الا القوم الخاسرون ومنها عقوق الوالدين لان الله تعالى جعل العاق جبارا شقيا وقتل النفس التي حرم الله الا بالحق لان الله تعالى يقول فجزائه جهنم خالدا فيها الآية وقذف المحصنة لان الله تعالى يقول لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم واكل مال اليتيم لان الله تعالى يقول انما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا والفرار من الزحف لان الله تعالى يقول ومن يولهم يومئذ دبره الا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله وماوية جهنم وبئس المصير واكل الربا لان تعالى يقول الذين يأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس والسحر لان الله تعالى عز وجل يقول ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق والزنا لان الله تعالى يقول ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيمة ويخلد فيه مهانا واليمين الغموس الفاجرة لان الله تعالى يقول الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة والغلول لان الله عز وجل يقول ومن يغلل يأت بما غل يوم القيمة ومنع
(٦٧٤)