وثانيا سلمنا ان مقتضى اطلاق المشي في الركوع عدم كون الطمأنينة شرطا فيه حال الذكر ولكن هذا انما هو في الصحيحة الأولى التي وقع فيها الامر بالمشي في الركوع حتى يبلغ القوم دون سائر الروايات التي وقع فيها الامر باللحوق بالامام بعد قيام الامام من السجدتين إذ فرق بين ما لو قال إذا قام الامام قم فاذهب إليه وبين ما لو قال إذا قمت للثانية التي يجب عليك فيها القراءة الحق ففي الثاني يمكن ان يدعى ان مقتضى اطلاقه جوازه في حال القراءة دون الأول كما هو وراد في الاخبار فليتأمل وثالثا سلمنا ظهور هذه الأخبار أيضا بمقتضى اطلاقها في جواز القراءة حال المشي ولكن ما دل على اعتبار السكون حالها حاكم على مثل هذا الاطلاق لعدم انحصار دليله بالاجماع ونحوه بل قد دل عليه خبر السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في الرجل يصلي في موضع ثم يريد ان يتقدم قال يكف عن القراءة في مشيه حتى يتقدم إلى الموضع الذي يريد ثم يقرء والنسبة بين هذه الرواية وبين الروايات الامرة باللحوق بالصف وان كانت عموما من وجه ولكن تقييد تلك الأخبار بهذه الرواية أهون من ارتكاب التخصيص في هذه الرواية بغير مريد اللحوق بالصف من أن هذه الرواية بمدلولها اللفظي صالحة لصرف تلك الأخبار عن ظاهرها من الاطلاق وبخلاف العكس الا ترى انهما لو جمعتا في عبارة واحدة لم يبق للتشكيك فيه مجال فالقول بعدم جواز المشي حال القراءة بل وكذا الذكر الواجب في الركوع مع أنه أحوط لا يخلو من قوة ثالثها ان مقتضى اطلاق النصوص والفتاوى جواز المشي المتعارف للالتحاق بالصف ولكن حكى عن جملة من الأصحاب التصريح بأنه يستحب له ان يجر رجليه وربما يشهد له من عن الفقيه مرسلا من أنه قال وروى أنه يمشي في الصلاة يجر رجليه ولا يتخطى وعن ظاهر غير واحد أو صريحه القول بوجوبه وهو ضعيف لضعف مستنده ودعوى محو غير هذه الكيفية لصورة الصلاة ممنوعة كما ظهر ذلك فيما مر في مبحث القواطع المسألة الثالثة إذا اجتمع خنثى مشكل وامرأة وقف الخنثى خلف الامام لاحتمال كونها امرأة والمرأة ورائه اي الخنثى لاحتمال كونه ذكرا وجوبا كما حكى عن ابن حمزة وظاهر عبارة المبسوط وهو متجه على القول بتحريم المحاذاة والا كان على الندب كما عن غير واحد من القدماء والمتأخرين ولكن قد يشكل الالتزام بوجوب هذا الترتيب وان قلنا بحرمة المحاذاة إذ المحاذاة على تقدير الالتزام بحرمتها من قبيل الموانع الذي يرجع لدى الشك فيها إلى أصل العدم كما عرفته في مبحث المكان ولا يتفاوت الحال في ذلك بين ان يكون الشك متعلقا بأصل وجود المانع أو ناشئا من مانعيته الموجود كما في المقام لان صحة صلاة الرجل مثلا متفرعة على أن لا تصلي المرأة بحياله وهو موافق للأصل فلا حاجة له إلى احراز ان من يصلي بحياله ليس بامرأة كي يقال بان هذا مما لا يمكن احرازه بالأصل إذ ليس له حالة سابقة معلومة كما هو واضح وتمام التحقيق فيه موكول إلى محله فللمرأة ان تصلي بحذاء الخنثى تعويلا على اصالة ان لا يصلي رجل بحيالها كما أن للامام أيضا ان يصلي وهو إلى جنبه يصلي تعويلا على اصالة ان لا يصلي امرأة بحياله واما الخنثى فحيث يعلم اجمالا بحرمة محاذاتها في الصلاة اما للامام أو المرأة التي تصلي خلفه اتجه الالتزام بوجوب الاحتياط اما بترك الايتمام أو بوقوفه بينهما على النحو المزبور فلعل حكمهم بالوجوب انما وقع بملاحظته والا فالمتجه عدم كون مراعاة هذا الترتيب في حق من عداه الا على جهة الاستحباب من باب حسن الاحتياط كما أن الحكم باستحبابه مطلقا على القول بكراهة المحاذاة انما يتجه بهذا الوجه والا فكما يكره على تقدير كونه رجلا محاذاته للمرأة كذلك يكره على تقدير كونه امرأة انفراد كل منهما بصف بل على تقدير رجوليته أيضا يكره له الوقوف خلف الامام بل يستحب له ان يقف إلى جنبه فيتعارض الجهات الا ان رعاية الأولى اي عدم محاذاته لغير مجانسة أولى لما فيها من قوة احتمال المانعية والله العالم المسألة الرابعة إذا وقف الامام في محراب داخل فصلاة من يقابله ماضية دون صلاة من إلى جانبيه إذا لم يشاهدوه بواسطة حيلولة جدران المحراب وتجوز صلاة الصفوف الذين وراء الصف الأول لأنهم يشاهدون من يشاهده وقد تقدم شرحه والإشارة إلى ما ذكره في المسالك وغيره في تفسيره وما يقتضيه التحقيق فيه مفصلا عند ذكر المصنف عدم جواز الجماعة مع الحايل مفصلا فلا نطيل بالإعادة المسألة الخامسة لا يجوز للمأموم مفارقة الامام في الافعال بسبقه في الفعل من أنه لا يترتب على عمدة في مثل الفرض الا الاثم وحيث اتى كان معذورا في ذلك لا يترتب عليه الاثم أيضا فكما لا يبطل أصل الاقتداء لو كان بلا عذر فكذلك مع العذر بل هو أولى فالأظهر كما هو مقتضى اطلاق المتن وغيره إلى أنه لا فرق في المفارقة بعذر بين انحائه فتجوز مطلقا مع كونه باقيا على عزمه من الايتمام ولكن يشرط ان لم تكن قاطعة لعلاقة الارتباط وتأخره عنه تأخرا فاحشا ما دام باقيا على نية الايتمام بغير عذر كما تقدم تحقيقه مفصلا عند التكلم في وجوب المتابعة واما مع العذر فيجوز وان لم ينو الانفراد سواء كان عقليا كما لو وجد ثقلا في بدنه فعجز عن اللحوق بالامام في ركوعه أو منعه الزحام مثلا عن فعل الركوع أو السجود معه أو شرعيا كما في المأموم المسبوق الذي يتخلف عن الامام لتدارك التشهد أو ناسي السجود مثلا عند تذكره قبل ان يفوت محل تداركه وليس له في مثل هذه الفروض الاخلال بشئ مما وجب عليه من مثل التشهد والسجدة المنسية أو الممنوعة عن فعلها بواسطة الزحام مثلا لأجل تحصيل المتابعة الا ان يدل دليل شرعي عليه كما ورد في ترك السورة مثلا خصوصا في الجماعة المستحبة لا لما قد يقال من أن عمدة دليل وجوب المتابعة في كل جزء هي الاجماع وهو في غير محل الكلام فيبقى اطلاق ما دل على وجوب الاجزاء سليما عن المزاحم لامكان الحادث فيه بما عرفت في محله من أن عمدة الدليل عليه كون المتابعة مأخوذة في مفهوم الاقتداء والايتمام المعتضد بالنبوي المشهور وانما جعل الامام اماما ليؤم به الحديث بل لان الجماعة المشروعة وجوبا أو ندبا هي ان يأتي بصلاته مقتديا بالامام بان يجعل افعال صلاته تابعا لافعال امامه فلا يصلح ان يجعل اطلاق دليلها أو دليل وجوب المتابعة في الافعال دليلا لتقييد اطلاق مطلوبية الافعال بصورة التمكن من الاتيان بها متابعا للامام لتأخره في الرتبة ومقتضاه سقوط مطلوبية المتابع لدى العجز عنها لا جزئية الجزء الذي تعذرت المتابعة فيه كما لا يخفى على المتأمل خصوصا في الجماعة المستحبة حيث إن مطلوبيتها على سبيل الاستحباب فلا يصلح ان يخصص باطلاق دليلها أدلة الواجبات فيجب عليه مفارقة الامام والاتيان بما وجب عليه من الاجزاء التي تعذرت المتابعة فيها ومتى فارقه لعذر
(٦٩٣)