يدل عليه مضافا إلى عمومات الأدلة المتقدمة خصوص مرسلة ابن بكير عن الصادق عليه السلام في الرجل يخرج من منزله يريد منزلا له اخر أو ضيعة قال إن كان بينه وبين منزله أو ضيعته التي يؤم بريدان قصر وان كان دون ذلك أتم واما ما في الصحيح عن عمران بن محمد قال قلت لأبي جعفر الثاني ع جعلت فداك ان لي ضيعة على خمسة عشر ميلا خمسة فراسخ فربما خرجت إليها فأقيم فيها ثلاثة أيام أو خمسة أيام أو سبعة أيام فأتم الصلاة أم اقصر قال قصر في الطريق وأتم في الضيعة فلا بد من رد علمه إلى أهله نعم على القول بالتخيير في المسافة الملفقة من الذهاب والاياب اتجه حمل الامر بالتقصير في الطريق والاتمام في الضيعة الواردين في هذه الرواية على الاستحباب كما نفينا البعد عنه وجعلنا هذه الصحيحة مؤيدة له وان كان الالتزام به لا يخلو من اشكال كما تقدم تحقيقه مفصلا فراجع وقد ظهر بما مر انه لو كان له عدة مواطن اعتبر ما بينه وبين الأول فإن كان مسافة قصر في طريقه وينقطع سفره بموطنه فيتم فيه ثم يعتبر المسافة التي بين موطنيه فإن لم تكن مسافة التقصير أتم في طريقه أيضا لانقطاع سفره بالوصول إلى وطنه الأول وعدم كون الثاني بنفسه مسافة وان كان ما بينهما مسافة قصر في طريقه الثانية أيضا حتى يصل إلى وطنه هذه الأحكام كلها معلومة مما سبق وكما يعتبر المسافة بين كل موطنين كذا يعتبر بين اخر المواطن رعاية مقصده فإن كان مسافة ولو ملفقة من الذهاب والاياب وقصد الرجوع ليومه بل مطلقا ما لم يتخلل بإقامة ونحوها قصر كما عرفته في محله وانما الاشكال في المقام في تشخيص الوطن الذي يجب الاتمام فيه فقد اضطربت كلمات الاعلام في ذلك وتشتت أقوالهم من جهات على وجه لا يكاد يحصل الوثوق بمراد كثير منهم من عبائرهم وان كان قد يترائى من كلماتهم التسالم على أن المراد به حيثما يعدونه من قواطع السفر معنى ربما لا يساعد العرف على اطلاق اسم الوطن عليه حتى اشتهر بين المتأخرين ان الوطن له معنيان عرفي و شرعي وان ما ذكره الأصحاب في تفسيره انما هو لبيان معناه شرعا ولكن المتتبع في كلماتهم يرى عدم كونه مسلما عند الجميع وكيف كان فالوطن عرفا ولغة كما في القاموس منزل الإقامة كالموطن ووطن به يطن وأوطن أقام وأوطنه ووطنه واستوطنه اتخذه وطنا واطلاق وطن الانسان ينصرف عرفا إلى منزل اقامته على الاطلاق كما أن اطلاق استوطنه ينصرف إلى ما اتخذه دار اقامته كذلك بعد ان لم يكن وفى السرائر في شرح مفهوم السفر قال والسفر خلاف الاستيطان و المقام فان لا بد من ذكر حد الاستيطان وحده ستة اشهر فصاعدا سواء كانت متفرقة أو متوالية فعلى هذا التقرير والتحرير من نزل في سفره قرية أو مدينة و له فيها منزل أو مملوك استوطنه ستة اشهر أتم وان لم يقم المدة التي توجب على المسافر الاتمام أو لم ينو المقام عشرة أيام وان لم يكن كذلك قصر انتهى فان أراد بتحديده بالستة اشهر شرعا فسيأتي الكلام فيه وان أراد تحديده بذلك عرفا ولغة كما يعطيه سوق كلامه ففيه نظر ظاهر وقال المصنف الوطن الذي يتم فيه هو كل موضع له فيه ملك قد استوطنه ستة اشهر فصاعدا متوالية كانت أو متفرقة وربما نسب هذا القول إلى المشهور بل عن بعض دعوى الاجماع عليه والمنساق من عبارة الكتاب في هذا المقام كصريح عبارته المتقدمة كون الضمير المنصوب عائدا إلى الملك لا إلى الموضع فظاهرها اعتبار حصول الاستيطان في ملكه وهو لا يتخلف عن كونه منزلا له ولكن استظهر في المدارك من العبارة خلاف ذلك فقال في شرحها اطلاق العبارة يقتضى في لفرق في الملك بين المنزل وغيره وبهذا التعميم جزم العلامة ومن تأخر عنه حتى صرحوا بالاكتفاء في ذلك بالشجرة الواحدة واستدلوا عليه بما رواه الشيخ في الموثق عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يخرج في سفر فيمر بقربه له أو دار فينزل فيها قال يتم الصلاة ولو لم يكن له الا نخلة واحدة لا يقصر وليصم إذا حضره الصوم وهذه الرواية ضعيفة السند باشتماله على جماعة من الفطحية والأصح اعتبار المنزل خاصة كما هو ظاهر اختيار الشيخ في النهاية وابن بابويه وابن البراج وأبى الصلاح والمصنف في النافع لإناطة الحكم به في الأخبار الصحيحة انتهى فالوطن على ما استظهرناه من المتن هو كل موضع له فيه منزل مملوك له قد استوطن ذلك المنزل ستة اشهر فصاعدا كما هو ظاهر كثير من القدماء والمتأخرين خلافا لمن اكتفى بمجرد الملك كما سمعت حكايته عن العلامة ومن تأخر عنه فالوطن عند أرباب هذا القول هو كل موضع قد استوطنه ستة اشهر وكان له في ذلك الموضع ملك ولو نخلة واحدة واكتفى بعضهم في ظاهر كلامه أو صريحه بخصوص المنزل من غير اشتراطه بالملك وحكى عن جماعة من القائلين باعتبار المنزل انهم اشترطوا فعلية الاستيطان فيه ودوامه ولم يقيدوه بإقامة الستة اشهر كالشيخ في النهاية وموافقية بخلاف القائلين باعتبار الإقامة ستة اشهر فان ظاهرهم بل صريح بعضهم الاكتفاء بحصوله مرة واحدة ولو فيما مضى من الزمان فلا يؤثره الاعراض عنه في رفع حكمه بعد ان استوطنه ستة اشهر ما دام بقاء ملكه أو منزله وحكى عن ظاهر الصدوق انه اعتبر ان يقيم فيه في كل سنة ستة اشهر بان يكون له في ذلك الموضع منزل معد لذلك وقد اختار صريحا هذا القول غير واحد من متأخري المتأخرين ثم إنه قد يلوح من بعض كلماتهم ان مرادهم بالاستيطان ستة اشهر هو مطلق الإقامة فيه في هذه المدة وان لم يكن يقصد التوطن على الاطلاق بل إلى غاية ولكن صرح بعضهم باشتراط كونه بهذا القصد والا فلا يصدق عليه اسم المستوطن المعلق عليه الحكم في النصوص والفتاوى وملخص الكلام ان كلماتهم في هذا الباب مضطربة ومنشأه بحسب الظاهر اختلاف انظارهم في ما يقتضيه الجمع بين الاخبار ولا يخفى عليك ان مقتضى القاعدة الأولية التي شرعت عليه الصلاة هو الاتمام والقصر انما يجب بعروض السفر الجامع لشرائط التقصير فالمكلف ما لم يكن مسافرا لم يشرع في حقه التقصير وانما يصير مسافرا بالتباعد من منزله الذي هو دار اقامته وإذا وصل إلى منزله من سفره عاد حاضرا الذي هو ضد المسافر ويسمى ذلك الموضع الذي هو موضع اقامته في العرف وطنا ولا يشترط في صدق هذا الاسم الملك ولا المنزل بل ولا إقامة الستة اشهر أصليا كان ذلك الوطن أم مستحدثا مع أن الحكم بالتمام لدى وصوله إلى مستقره ليس منوطا بصدق كونه وطنا بل بخروجه عن كونه مسافرا فالبدوي الطالب للماء والكلاء الذي بيته معه إذا نزل في مكان ثم سافر من منزله متى عاد إليه خرج عن كونه مسافرا وان لم ينو إقامة العشرة بل ولو مر به في أثناء طريقه فإنه حين وصوله إلى منزله صدق عليه انه حضر أهله ومستقره الذي هو ضد المسافرة فوجب عليه الاتمام ح سواء قلنا بتسميته في العرف وطنا له أم لم نقل لما أشرنا إليه من
(٧٣٧)