بينهما وكيف كان فوجوبها لو لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط والكلام في اشتراط الطمأنينة في الجلوس نحو ما عرفته في القيام وقد عرفت ان الأشبه عدم اعتبارها وهل الطهارة شرط فيهما فيه تردد وخلاف فعن الشيخ في المبسوط والخلاف القول بالاشتراط وعن الحلي والمنصف والعلامة القول بالعدم واستدل الشيخ للوجوب على ما حكى عنه بأنه أحوط إذ مع الطهارة تبرء الذمة بيقين وبدونها لا يحصل يقين البراءة وبان النبي صلى الله عليه وآله كان يتطهر قبل الخطبة فيجب اتباعه في ذلك لأدلة التأسي وفيهما ما لا يخفى واستدل له أيضا بصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال وانما جعلت الجمعة ركعتين من اجل الخطبتين فهي صلاة حتى يترك الامام وعن الصدوق مرسلا عن أمير المؤمنين (ع) قال لا كلام والامام يخطب ولا التفات الا كما يحل في الصلاة و انما جعلت الجمعة ركعتين لأجل الخطبتين جعلتا مكان الركعتين الأخيرتين فهما صلاة حتى ينزل الامام وفيه ان الخبر الأخير ظاهره على ما يزعمه المستدل اعتبار شرائط الصلاة حرمة التكلم والالتفات ونظائره بالنسبة إلى الحاضرين وهذا مما لم ينقل القول به من أحد ولا يمكن اثباته بمثل هذا الخبر فالمراد به بحسب الظاهر الحث على استماع الخطبة بترك الكلام والالتفات عن الامام لا عن القبلة كما أومى إليه أمير المؤمنين (ع) فيما ارسله عنه في الدعائم على ما حكى عنه قال يستقبل الناس الامام عند الخطبة بوجهه بوجوههم ويصغون إليه ولا يتكلمون بل يستمعون فهم في الصلاة والمراد بقوله (ع) فهم في الصلاة التشبيه لا الحقيقة وقد بين الرضا عليه السلام في خبر الفضل المروي عنه في العلل والعيون وجه الشبه بقوله (ع) انما صارت الجمعة إذا كانت (مع الامام ركعتين وإذا كانت) بغير الامام ركعتين ركعتين لأن الناس تخطون إلى الجمعة من بعد فأحب الله عز وجل ان يخفف عنهم لموضع التعب الذي صار إليه ولأن الامام يحبسهم للخطبة وهم منتظرون للصلاة ومن انتظر الصلاة فهي في الصلاة الحديث والحاصل ان المقصود بالمرسلة المتقدمة وكذا المرسل المروي عن الدعائم هو النهي عن الكلام والالتفات الفاحش عن الامام المنافيين للاستماع والاصغاء إلى الخطبة لا اجراء احكام الصلاة عليها في حق المستمعين على الاطلاق كما لا يخفي وهكذا الكلام في صحيحة ابن سنان فإنه لم يقصد بقوله فهي صلاة حقيقة حتى يراعي فيها شرائطها بل ولا التشبيه بها في احكامها فان إرادة الاحكام أجنبية عن مساق الخبر بل التفريع على قصر الصلاة جعل الجمعة ركعتين لأجل الخطبتين حيث إن ذلك يقتضي تنزيلهما منزلة الجزء منها فمعنى قوله (ع) فهي صلاة ان الخطبة بذاتها جارية مجرى الصلاة ومنزلة منزلتها في أداء التكليف فاطلاق اسم الصلاة عليها على الظاهر بهذه الملاحظة لا باعتبار المشابهة في الحكم لعدم اقتضاء سببيتها للقصور المماثلة في الحكم والا أقل من عدم ظهوره في ذلك حتى يتجه الاستدلال به للمعدى ويحتمل أن تكون الفاء تعليلية لا تفريعية بان يكون المراد بها التنبيه على أن حقيقة الصلاة في الواقع التي تتقوم بها مهيتها المطلوبة شرعا هي الثناء والذكر والدعاء والقراءة كما في بعض الأخبار الإشارة إلى ذلك فالخطبة لدى التحقيق من أولها إلى اخرها صلاة وان لم تسم باسمها حقيقة حتى يتسرى إليها احكامها وهذا المعنى انسب يجعل نزول الامام غاية كما لا يخفي على المتأمل وكيف كان فالرواية قاصرة عن اثبات اعتبار شرايط الصلاة في الخطبة كما لا يخفى على من عرضها على أهل العرف ولكن ينبغي رعاية الاحتياط في غير ما علم عدم اعتباره كالاستقبال ونحوه وان كان الأشبه انه غير شرط والله العالم ويجب ان يرفع صوته بحيث يسمع العدد المعتبر فصاعدا كما صرح به غير واحد لا لأجل التأسي بل لظهور مثل قوله (ع) يخطب بهم ونحوه في ذلك وعدم حصول الفائدة المقصودة بشرع الخطبة الا بذلك ولكن مع ذلك قال المصنف فيه تردد بناء منه على امكان الخدشة فيما ذكر وعدم صلاحيته لقطع الأصل ولعله في غير محله بل قد يتأمل في جواز الاقتصار في رفع صوته عند كثرة الزحام على ما دون المتعارف في الوعظ والخطبة إذ كان ذلك موجبا لاختفاء صورته عن بعض الحاضرين لو لم يكن اجماعيا فليتأمل الشرط الرابع الجماعة فلا تصح فرادى بلا شبهة بل كاد يكون من ضروريات الشرع فضلا عن أن يحوم حوله شائبة خلاف وانكار كما لا يخفى على من تصفح الآثار الواردة فيها وفي بيان كيفيتها واحكامها وانها في الصلاة التي فرضها الله في جماعة وهل هي شرط ابتداء أم استدامة قد تقدم الكلام فيه في مسألة ما لو انفض العدد في أثناء الصلاة وأشرنا فيما تقدم إلى أن اعتبار الاستدامة لو لم ينعقد الاجماع على خلافه كما يلوح من بعض كلماتهم أشبه وان حضر امام أصلا عليه السلام وجب علينا الرجوع إليه في معرفة ما لا يسعنا جهله وليس علينا الفحص والبحث عن انه هل يجب عليه الحضور والتقدم وانه ان منعه مانع من الحضور أو في الأثناء جاز له ان يستنيب أم وجب عليه ذلك إلى غير ذلك من الاحكام المتعلقة به نعم لا ريب في أنه ليس لأحد ان يتقدم عليه ولا ان يصلي بالناس بغير اذنه ضرورة كونه أحق بذلك من رعيته كما يشهد له مضافا إلى وضوحه رواية حماد بن عيسى عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليه السلام قال إذا قدم الخليفة مصرا من الأمصار جمع بالناس ليس ذلك لاحد غيره الشرط الخامس ان لا يكون هناك جمعة أخرى وبينهما دون ثلاثة أميال بلا خلاف فيه على الظاهر بيننا بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويدل عليه حسنة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال يكون بين الجماعتين ثلاثة أميال يعني لا تكون جمعة الا فيما بينه وبين ثلاثة أميال وليس تكون جمعة الا بخطبة قال إذا كان بين الجماعتين ثلثه أميال فلا بأس ان يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء و موثقته أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال تجب الجمعة على من كان منها على فرسخين ومعنى ذلك إذا كان امام عادل وقال وإذا كان بين الجماعتين ثلاثة أميال فلا باس ان يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء ولا يكون بين الجماعتين أقل من ثلاثة أميال وحكى عن ابن فهد في الموجز تجويز تعددها فيما دون فرسخ في المندوبة حال الغيبة وهو محجوج بمخالفة الاجماع واطلاق الخبرين المتقدمين فان اتفقتا اي اقترنت الجمعتان بطلتا لامتناع الحكم بصحتهما مع لما عرفت من اشتراط الوحدة نصا واجماعا ولا أولوية لأحدهما فلم يبق الا الحكم ببطلانهما معا من غير فرق بين علم كل فريق بالاخر وعدمه لاطلاق ما دل عليه من النص
(٤٤٩)