وصدق اسم التحية والسلام عليه عرفا ولغة وكفاك شاهدا عليه النبوي المزبور فان تعلق عليه نهى تنزيهي شرعي به لكونه تحية الموتى لا يوجب خروجه عن مصداق التحية والسلام عرفا ولغة لاستعمله في الاحياء وقد نسب بعض إلى ظاهر الأصحاب ان عليك السلام وعليكم السلام صحيح يوجب الرد كما هو صريح غير واحد منهم ويشهد له مضافا إلى مساعدة العرف عليه ما رواه الصدق وباسناده عن عمار الساباطي انه سأل أبا عبد الله (ع) عن النساء كيف يسلمن إذا ادخلن على القوم قال امرأة تقول عليكم السلام والرجل يقول السلام عليكم فإنه يدل على صحة هذا الاستعمال اي تقديم الظرف في مقام التحية وعدم اختصاصه بالجواب فالأظهر في لفرق بين تقديم الظرف أو تأخيره في صدق اسم التحية عليه ووجوب رده وفي الحدائق مع اعترافه يصدق اسم التحية عليه وعلى غيره من الأمثلة المزبورة جزم بعدم وجوب رد شئ منها مما عدى الصيغ الأربع لا لدعوى انصراف اطلاق الآية إليها لتعارفها بل لما ادعاه من أن المفهوم من الأخبار ان صيغة السلام التي يسلم بها هي هذه الصيغ الأربع فيجب ان يحمل اطلاق الآية على ذلك وفيه ان ورود هذه الصيغ في الأخبار لا يقتضي باختصاص التحية الواجب ردها بها وليس في شئ من الأخبار المشتملة الشئ من هذه الصيغ دلالة على انحصار التحية فيها كي يقيد بها اطلاق الآية مع أن صيغة عليكم السلام وردت في رواية عمار المتقدمة في تحية النساء فالأظهر وجوب رد السلام مطلقا من غير فرق بين صيغة والله العالم ولا فرق في وجوب رده بين كون المسلم كبيرا أو صغيرا إذا كان مميزا قاصدا بفعله التحية لاطلاق أدلته وحكى عن فوائد الشرائع منعه في الصغير ولعله لدعوى انصراف الأدلة عنه وهي غير مسموعة وكذا لا فرق بين كونه رجلا أو امرأة نعم على القول بحرمة سماع صوت الأجنبية لو سلمت الأجنبية عليه لا يبعد القول بعدم وجوب رده لامكان دعوى انصراف الأدلة إلى السلام السائغ ولكن الأحوط ان لم يكن أقوى وجوب رده خصوصا مع غفلتها وزعم المماثلة أو المحرمية كما أن الأقوى وجوب الرد لو سلم عليها الأجنبي ولو قلنا بحرمة سماع صوتها إذ الحرمة لو سلمناها فهي في غير مواقع الضرورة العرفية فضلا عما لو عرضه وجوب شرعي كما لو احتاجت إلى السؤال عن شئ من معالم دينها وتوهم انصراف الأدلة إلى إرادة الرد السائغ في حد ذاته ضعيف واضعف منه توهم قصور الأدلة عن شمولها الا بضميمة الاجماع وقاعدة المشاركة وهما غير ثابتين في المقام إذ لا قصور في شئ من الأدلة ضرورة ان المقصود بمثل قوله تعالى إذا حييتم بتحية مطلق المكلفين لا خصوص الرجل ولذا لا يرتاب أحد في ذلك بالنسبة إلى المحارم ولا بعضهن مع بعض وانما نشأت الشبهة في المقام من حيث حرمة سماع صوتها وقد أشرنا إلى انا لو قلنا بحرمته فهو في غير مثل المقام مع أن الأقوى خلافه كما تقدم التنبيه عليه في مبحث القراءة ونظيرهما في الضعف توهم حرمة السلام عليها فلا يجب رده بناء على انصراف الأدلة إلى السلام السائغ كما ليس بالبعيد لكونه سببا لايقاعها في محرم حيث يدور امرها بين ترك الرد الواجب عليها أو التكلم مع الأجنبي وكل منهما حرام يحرم سببه وهو السلام عليها توضيح ضعفه انه اما ان يجوز رد لها سلام الأجنبي تام لا فعلى الأولى لا حرمة في فعله وعلى الثاني لا حرمة في تركه فليس فعل السلام سببا لالجائها إلى ارتكاب معصية كي يدعى قبحه هذا مع دلالة بعض الأخبار على جوازه كصحيحة ربعي عن أبي عبد الله (ع) قال كان رسول الله (ع) يسلم على النساء ويرددن عليه السلام وكان أمير المؤمنين (ع) يسلم على النساء وكان يكره ان يسلم على الشابة منهن ويقول أتخوف ان يعجبني صوتها فيدخل على أكثر مما اطلب من الاجر وما في بعض الأخبار من النهي عنه مثل المرسل المروي عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال لا تبدأوا النساء بالسلام وفي خبر غياث عن أبي عبد الله عليه السلا قال لا تسلم على المرأة محمول على الكراهة بشهادة الصحيحة وقضية الجمع بينها تخصيص الكراهة بما إذا كانت شابة لدلالة الصحيحة على نفي الكراهة أيضا في غير هذا الصورة بل استحبابه وهل يجب رد سلام أهل الذمة وغيرهم من فرق المشركين وجهان بل قولان من اطلاق الامر برد التحية الصادقة عليه في الكتاب وتعلق الامر به في النصوص الخاصة الواردة فيه التي سيأتي نقلها من امكان دعوى انصراف الاطلاق عنه وكون النصوص الخاصة الواردة فيه مسوقة لبيان كيفية الرد عليهم كما ستعرف فلا يفهم منها الوجوب وربما يؤيد الأول ما تقدمت حكايته عن ابن عباس في تفسير الآية من أن قوله تعالى أوردوها ورد في أهل الكتاب ولكنك عرفت عدم حجية هذا التفسير مع مخالفته لظاهر الآية فان ظاهرها اتحاد الموضع الذي تعلق الامر برده اما بالمثل أو بأحسن منه بل قد يقال بان ظهور الآية في ذلك يقتضي تخصيصها بغير أهل الكتاب إذ لا يجوز رد تحية أهل الكتاب بالأحسن كما ستعرف وفيه ان تقييد كونه بأحسن بما إذا كان المسلم مسلما أولى من التخصيص ولكن قد يقال بانا ان أوجبنا رد سلام الكتابي فإنما هو بصيغة عليك كما ورد في الأخبار الآتية وهو ليس ردا بالمثل ولا بأحسن وفيه انه لا يعتبر في الرد الماثلة في اللفظ بل العبرة بصدق اسم رد التحية وهو يتحقق بلفظ عليك فعمدة ما يصح ان يوجه به القول بعدم الوجوب انما هي دعوى انصراف الآية عن تحية الكفار وقصور النصوص الآتية عن إفادة الوجوب (كما ربما يؤيد ذلك كون السلام دعاء فيبعد ارادته بالنسبة إلى الكفار فالقول بعدم الوجوب) لا يخلو من وجه ولكن الاحتياط مما لا ينبغي تركه وكيف كان فينبغي الاقتصار في رد سلامهم على لفظ عليك أو عليكم كما يدل عليه اخبار مستفيضة منها موثقة سماعة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن اليهودي والنصراني والمشرك إذا سلموا على الرجل وهو جالس كيف ينبغي ان يرد عليهم فقال يقول عليك وموثقة محمد بن مسلم بن أبي عبد الله (ع) قال إذا سلم عليك اليهودي والنصراني والمشرك فقل عليك وخبر غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) لا تبدوا أهل الكتاب بالتسليم وإذا سلموا عليكم فقولوا وعليكم وصحيحة زرارة أو حسنته عن أبي جعفر (ع) قال دخل رجل يهودي على رسول الله صلى الله عليه وآله وعايشة عنده فقال السام عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وآله عليك ثم دخل اخر فقال مثل ذلك فرد عليه كما رد على صاحبه ثم دخل اخر فقال مثل ذلك فرد عليه رسول الله كما رد على صاحبيه فغضبت عايشة فقالت السام عليكم والغضب واللعنة يا معشر اليهود يا اخوة القردة والخنازير فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله يا عايشة ان الفحش لو كان ممثلا لكان مثال سوء ان الرفق لم يوضع على شئ قط الا زانه ولم يرفع منه قط الا شانه قالت يا رسول الله اما سمعت إلى قولهم السام عليك فقال بلى اما سمعت ما رددت عليهم قلت عليكم فإذا سلم عليكم مسلم فقولوا سلام عليكم وإذا سلم عليكم كافر
(٤٢٢)