بالبعيد ومما يدل على المشهور من جواز الايتمام في العصر بظهر الامام مضافا إلى عدم خلاف يعتد به فيه صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا صلى المسافر خلف قوم حضور فليتم صلاته ركعتين ويسلم وان صلى معهم الظهر فليجعل الأوليتين الظهر والأخيرتين العصر وموثقة الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يؤم الحضري المسافر ولا المسافر الحضري فان ابتلى بشئ من ذلك فأم قوما حضريين فإذا أتم الركعتين سلم ثم اخذ بيد بعضهم فقدمه فأمهم و إذا صلى المسافر خلف قوم حضور فليتم صلاته ركعتين ويسلم وان صلى معهم الظهر فليجعل الأوليتين الظهر والأخيرتين العصر ويدل على عكسه صحيحة حماد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل امام قوم صلى العصر وهي لهم ظهر قال أجزأت عنه وأجزأت عنهم ولا يعارضها رواية سليم قال سألته عن الرجل يكون مؤذن قوم وامامهم يكون في طريق مكة أو غير ذلك فيصلي بهم العصر في وقتها فيدخل الرجل الذي لا يعرف فيرى انها الأولى أفتجزيه انها العصر قال لا إذ الظاهر أن المقصود بها انها لا تجزيه عن العصر بمجرد نية الامام كما نبه عليه في الوسائل ومرسلة الكليني في حديث فان علم أنهم في صلاة العصر ولم يكن صلى الأولى فلا يدخل معهم فإنها مع ما فيها من ضعف السند واحتمال التقية قابلة للحمل على الدخول بنية العصر ويظهر من الخبرين الأوليين ضعف القول المحكى عن والد الصدوق من منع اقتداء المسافر بالحاضر وعكسه كما يدل عليه أيضا جملة من الاخبار الآتية في محلها وما في بعض الروايات من المنع عنه كقوله عليه السلام في صدر موثقة فضل لا يؤم الحضري إلى اخره محمول على الكراهة وبشهادة ذيلها وكذا قوله عليه السلام في خبر أبي بصير لا يصلي المسافر مع المقيم فان صلى فلينصرف في الركعتين وربما يستشعر من التفريع الواقع في هذا الخبر ان المراد بالنهي المنع عن متابعته في الايتمام لا عن أصل الايتمام كما لا يخفى ومما يدل على مشروعية الجماعة في جميع الصلوات الواجبة قوله عليه السلام في الصحيح أو الحسن عن زرارة والفضيل قالا قلنا له الصلاة في جماعة فريضة هي فقال الصلاة فريضة وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها ولكنه سنة من تركها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له فان مفادها استحباب الجماعة في جميع الصلوات المفروضة خصوصا لو حملنا القضية السالبة على سلب العموم لا عموم السلب كما يؤيده وجوبها في الجمعة والعيدين فان الاستدارك حينئذ كالنص على إرادة العموم ولكن لا يخفى عليك ان عمومه انما هو بالنسبة إلى أنواع الفرائض دون أحوالها إذ ليس له اطلاق أحوالي فلا ينافيه اشتراط صحة الجماعة في كل فريضة بوقوع الايتمام بمثله لا بما يخالفه في العدد فهي حجة لاثبات مشروعيتها في الجملة في كل صلاة مفروضة حاضرة كانت أم فائتة يومية كانت أم غيرها كالآيات وغيرها ومن هنا يقوى جوازها في صلاة الطواف الواجبة اخذا بعموم الرواية اللهم الا ان يدعى انصرافها إلى الصلوات المعهودة التي يتعارف فيها الجماعة كما ليس بالبعيد فليتأمل ويدل أيضا على جوازها في مثل صلاة الآيات والجنازة النصوص الخاصة الواردة فيها وعلى جوازها في الفائتة ما ورد في الصحيح من فعل النبي صلى الله عليه وآله قضاء ما فاته بالنوم جماعة والخدشة فيه بمنافاته لمرتبة النبوة مدفوعة بامكان توجيهه بوجوه غير منافية لها فلا مقتضى لطرحه بالنسبة إلى هذا الحكم وخبر إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام تقام الصلاة وقد صليت قال صل واجعلها لما فات وهذه الرواية كما تدل على جواز الاقتداء في الفائتة كذلك تدل على أن الاختلاف بين الفريضتين من هذه الجهة غير قادح هذا كله مع أن جواز ايتمام المفترض بالمفترض مطلقا ولو مع اختلاف الفرضين مما لا مجال للارتياب فيه بعد استفاضة نقل الاجماع عليه وكونه من المسلمات عندهم واستقرار السيرة على فعله ولكن هذا بالنسبة إلى ما عدى صلاة الطواف فان تجويز الجماعة فيها لا يخلو من اشكال كما تقدمت الإشارة إليه واشكل منه تجويزها في صلاة الاحتياط المردد امرها من حيث هي بين كونها مكملة للفريضة أو نافلة ووجوبها عليه بالفعل في الظاهر غير مجد في استفادة شرعية الجماعة فيها من اطلاق النص والفتوى إذ المنساق إلى الذهن من الاطلاق ما كانت مفروضة بالذات لا لعارض كما أن المنساق مما دلت على حرمة الجماعة في النافلة ما كانت نافلة كذلك فعروض وصف الوجوب لها بنذر وشبهه غير موجب لتبدل حكمها خلافا لصريح بعض من تجويزه الجماعة في النافلة المنذورة وشبهها نظرا إلى اتصافها فعلا بالوجوب فيعمها الاطلاقات وفيه ما عرفت وليس المقام مما يتسامح في دليله كي يقال يكفي في اثبات شرعيتها فتوى الفقيه إذ الجماعة وان كانت مستحبة فهي من هذه الجهة وان كانت قابلة للمسامحة ولكن يترتب عليها احكام مخالفة للأصول كسقوط القراءة و رجوع كل من الإمام والمأموم في شكه إلى الاخر فلا يصح المسامحة في دليلها بهذه الملاحظة وتوهم ان الجماعة مهما شرعت ولو بأدلة التسامح ترتبت عليها هذه الأحكام فلا يصح ان يكون ترتب هذه الأحكام المخالفة للأصول عليها مانعة عن كونها مشمولة لأدلة المسامحة مدفوع بان هذه الأحكام على ما يتبادر من أدلتها انما هي في الصلاة التي شرعت الجماعة فيها من حيث هي لا من باب المسامحة كما لا يخفى على المتأمل ثم لا يخفى عليك انه يعتبر في صحة الجماعة لدى اختلاف الفريضتين موافقتهما في الكيفية فلا تصح الاقتداء مع اختلاف النظم كالاقتداء في اليومية بالآيات والجنائز ونحوهما أو عكسه بلا خلاف فيه على الظاهر كما يظهر ادعائه من بعض لعدم تمكنه من المتابعة لأنه ان تابع الامام في افعاله انمحى صورة صلاة المأموم وان تخلف عنه في موضع الاختلاف انتفى حقيقة الايتمام عرفا واما ما قيل من امكان المتابعة بنية الانفراد عند محل الاختلاف أو الانتظار إلى محل الاجتماع والايتمام بالركوع العاشر مثلا من صلاة الكسوف كما عن النجيبية احتماله وعن أحد قولي الشافعي جوازه حتى في صلاة الجنازة ففيه ان شيئا منهما ليس من حقيقة الايتمام في صلاته من شئ اما الأخير فواضح فان من اقتدى في صبحه بكسوف الامام مثلا وتخلف عنه في ركوعاته مما عدى الخامس والعاشر لا يصدق عليه انه مقتد به في هذا الفعل كما لا يخفى واما الأول فهو مقتد به في جزء من الصلاة وهو مخالف للمشروع إذ المشروع هو ان يقتدي في صلاته بصلاة الامام لا في كل جزء جزء من اجزائها بحياله ولا ينافي ذلك تجويز الانفراد اختيارا في جميع أحوال الصلاة ولو مع العزم عليه من أول الأمر لان هذا فيما إذا كان الايتمام في الصلاة التي هي اسم لجملتها مشروعا في حقه حيث ينتزع العقل من الامر المتعلق به - بعد العلم بعدم كون الايتمام من مقومات أصل الصلاة كي لا يجوز
(٦٦٠)