لا يتبادر منه الا إرادة ما يقرب الحد المشترك من طرفه المناسب للحكم فإذا قيل الجمعة ساقطة عمن كان منها على رأس فرسخين كما في الخبرين الأخيرين يراد منه طرفه الخارج وإذا قيل الجمعة واجبة على من كان منها على رأس فرسخين كما في رواية محمد بن مسلم الثانية يراد طرفه الداخل في الحد كما يفصح عن ذلك قوله (ع) فان زاد على ذلك إذ الظاهر أن المراد به الزيادة على الفرسخين لا على رأس الفرسخين بعد فرضه بنفسه مسافة مستقلة خارجة عن الفرسخين كما لا يخفى على المتأمل واما انه لا ثمرة لتحقيقه فلامتناع حصول العلم بالفرسخين عادة الا بعد الزيادة فلا فايدة في الالتزام بعدم اعتبار الزيادة في السقوط واما مستند القول المحكي عن ابن أبي عقيل وكذا القول المحكي عن ابن الجنيد فلعله هي صحيحة زرارة قال قال أبو جعفر (ع) الجمعة واجبة على من أن صلى الغداة في أهله أدرك الجمعة وكان رسول الله صلى الله عليه وآله انما يصلي العصر في وقت الظهر في سائر الأيام كي إذا قضوا الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وآله رجعوا إلى رحالهم قبل الليل وذلك سنة إلى يوم القيمة وفيه ما لا يخفي من عدم صلاحية هذه الرواية لمعارضة الأخبار المتقدمة التي هي نص في سقوطهما عمن بعد عنها بأزيد من فرسخين لامكان ارتكاب التأويل في هذه الصحيحة بالحمل على الاستحباب المتأكل مع ما فيها في حد ذاتها من الاجمال وعدم ابائها عن الحمل على إرادة الفرسخين فما دون إذ لم يقصد بها التحديد التحقيق والا لتحقق التنافي بين صدرها وذيلها كما هو واضح بل هي جارية مجرى العادة أريد بها بيان وجوبها على من يتيسر له بعد ان أصبح في أهله ان يدركها ويرجع إلى أهله قبل الليل وهذا لا يتيسر في الأغلب فيما زاد على الفرسخين وكيف كان فهذه الصحيحة لا تصلح معارضة لما هو نص في سقوطه عمن كان على رأس الأزيد من فرسخين فان غايتها الظهر وهو لا يعارض النص فالحق في المقام انما هو سقوطه عمن كان على رأس الأزيد من الفرسخين اي مبدء الفرسخ الثالث واما من كان واقعا على الحد المشترك الحقيقي بحيث يكون بعضه واقعا في الفرسخين وبعضه في الأزيد فهذا فرض يتعذر الاطلاق عليه في العادة ولا يصح تنزيل الأخبار الدالة على سقوطهما عمن كان على رأس الفرسخين أو عدم سقوطها على ارادته فالمرجع في حكمه عمومات وجوب السعي المقتصر في تخصيصها على من عداه ممن كان على رأس الأزيد من الفرسخين ثم إن المدار في البعد المزبور على ما عن التذكرة ونهاية الاحكام وكشف الالتباس وظاهر إشارة السبق بما بين منزله والجامع لا بين البلدين وفي الجواهر بعد نقل هذا القول عمن سمعت قال ما لفظه قلت ويمكن ان يكون المدار على مكان البدن ومكان المصلين فعلا لا البلد ولا المنزل ولا الجامع ونحوه وانسباق الوطن من النصوص انما هو لغلبة كونه فيه ولعل ذلك هو الظاهر من المتن وغيره ممن عبر كعبارته بل هو الظاهر من النصوص ثم نقل عن كاشف اللثام أيضا التصريح بأنه انما تعتبر المسافة بين الموضع الذي هو فيه وموضع الصلاة وانه هو المفهوم من كونه منها على رأس فرسخين أو أزيد ثم قال وهو جيد جدا بل قد يؤيده ما ستعرف من الاجماع على وجوبها عينا على البعيد بالقدر المزبور لو كان حاضرا وما هو الا لعدم صدق البعد المزبور ولو كان المعتبر الوطن كان كغيره من ذوي الأعذار الذين ستسمع الخلاف فيهم لو كانوا حاضرين بل كان المتجه وجوب الجمعة على من كان موطنه غير بعيد عنها بالبعد المزبور لكن كان هو بعيدا بأزيد من فرسخين وان كثر ما لم يكن مسافرا وهو معلوم البطلان انتهى وهو جيد ولكن بالنسبة إلى من كان موطنه قريبا فبعد واما في عكسه فلا يخلو اطلاقه من تأمل فان من كان رحله على رأس الأزيد من فرسخين لو خرج من رحله لقضاء حاجة فبلغ ما دون المسافة لا يلاحظ بالنسبة إلى هذا الشخص المكان الذي وصل إليه لقضاء حاجته بل رحله الذي يكون مبدء سيره نحوه الجمعة منه فان قطعه لبعض هذه المسافة لا بقصد الجمعة لا يسقط اعتباره بالملاحظة في المقدمية بالنسبة إليه بعد احتياجه إلى قطعه في الرجوع فليتأمل وكل هؤلاء إذا اتفق منهم أو تكلفوا الحضور للجمعة المنعقدة بغيرهم صحت منهم وأجزأتهم عن الظهر بلا خلاف فيه على الظاهر ولا اشكال بل في المدارك انه مقطوع به في كلام الأصحاب أقول ولكن في غير المكلف يبتني على شرعية عبادة كما هو المختار وكيف كان فالكلام في هذه المسألة يقع في مواضع الأول في صحتها والاجتزاء بها عن الظهر الثاني في أنه هل يتعين عليهم فعلها بعد الحضور الثالث في أنه هل يجوز احتسابهم من العدد وعلى تقدير الجواز هل يجوز لهم عقد جمعة مستأنفة أم لا اما صحتها والاجتزاء بها عن الظهر فبالنسبة إلى من كان على رأس الفرسخين والشيخ الكبير والمريض والأعمى وكذا كل من رخص في ترك السعي إليها لمانع من مطر أو برودة شديدة ونحوها مما لا شبهة فيه لأن شيئا من ذلك لا يقتضي نفي مشروعيتها بل الرخصة في تركها مع بقاء الفعل على ما هو عليه من المصلحة المقتضية لحسن ايجاده والروايات الدالة على وضع الجمعة عنهم لم تدل الا على نفي وجوبها عليهم فهي لا تصلح مخصصة الا للروايات الدالة على وجوبها عينا على كل أحد دون الروايات الكثيرة الواردة في الحث عليها الدالة بظاهرها على محبوبية الاجتماع إليها مثل ما عن الصدوق وفي الفقيه قال جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسألوه عن سبع خصال فقال اما يوم الجمعة فيوم يجمع الله فيه الأولين والآخرين فما من مؤمن مشى فيه إلى الجمعة الا خفف الله عليه أهوال يوم القيمة ثم يؤمر به إلى الجنة وعنه أيضا مرسلا قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من اتى الجمعة ايمانا واحتسابا استأنف العمل و عنه في ثواب الأعمال باسناده عن السكوني عن أبي عد الله عن ابائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله نحوه إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه وقد ظهر بما ذكرنا حال غير المكلف الذي نلتزم بشرعية عبادته إذ الأخبار الدالة على سقوط الجمعة عنه لم تدل على أزيد مما دل عليه حديث رفع القلم الذي قد بيننا على في لتنافي بينه وبين شرعية عبادته فليس حال الجمعة بالنسبة إليه الا حال الظهر وغيرها من العبادات واما بالنسبة إلى المسافر والمرأة والعبد وان احتمل كون سقوطها عنهم مستندا إلى في لمقتضى لا وجود المانع كي يصح ان يدعي عدم صلاحيته للمانعية إلى عن وجوب السعي إليها أو عن وجوبها عينا الا عن أصل مشروعيتها الا ان مقتضي عموم الروايات الواردة في الحث عليها عموم مشروعيتها للجميع فقد أشرنا إلى عدم صلاحية الروايات
(٤٥٣)