عليه درهم لواحد مردد بين الألف فأمره باعطاء كل واحد من الألف درهما تحصيلا للجزم بفراغ الذمة عما عليه من الدرهم فان هذا مما يشق على النفوس تحمله في العادة و أضعف من المنع المزبور منه شمول دليل الحرج لمثله فان مفاد الأدلة اختصاص الأحكام الشرعية بغير الموارد التي يلزم من التدين بها وقوع المكلف في الحرج من غير فرق بين كونها بنفسها حرجية وبين كونها متوقفة على مقدمة حرجية أو كون العلم بحصولها كذلك كما فيما نحن فيه فالمتجه بعد تسليم شمول دليل الترتيب لحال الجهل و عدم اختصاصه بصورة العلم هو الالتزام بالتفصيل بين موارد الحرج وغيرها كما حكى عن كاشف الغطاء ولكنك عرفت ان الأظهر اختصاص الأدلة بصورة العلم فالأوجه نفي اعتبار الترتيب حال الجهل مطلقا للأصل واستدل للقول باعتباره باطلاقات أدلة الترتيب الظاهرة في كونها مسوقة لبيان الحكم الوضعي الذي لا يختلف فيها الحال بين صورتي العلم والجهل واطلاق معاقد بعض الاجماعات المحكية واستصحاب وجوبه الثابت له قبل عروض النسيان ولو فرض عدم كونه مسبوقا بالعلم بالترتيب بان حصل له العلم ببطلان جملة من صلواته على سبيل الاجمال من غير أن يعلم بترتيبها فيتم فيه بعدم القول بالفصل لا يقال لنا ان قلب الدليل فانا ننفي وجوبه فيما عدى موارد جريان الاستصحاب بأصل البراءة ونلحق به تلك الموارد بعدم القول بالفصل لأنا نقول كما أن الاستصحاب الجاري في مورد حاكم على البراءة في ذلك المورد كذلك الاستصحاب الجاري في مورد اخر لم يكن قائل بالتفصيل بينه وبين هذه المورد كما لا يخفى وجهه على المتأمل ويتوجه على التمسك باطلاقات الأدلة انه ليس لنا دليل يصح الاعتماد عليه يعم باطلاقه صورة الجهل كما عرفت انفا تفصيله واما اطلاق معاقد الاجماعات فلا ينبغي الالتفات إليه بعد ثبوت القول باختصاصه بصورة العلم كما نسب إلى الأكثر بل عن بعض نسبته إلى ظاهر المذهب واما الاستصحاب فهو من قبيل الشك في المقتضى إذ الشك نشأ من احتمال مدخليته الوصف الزائل في ثبوت الحكم فاستصحاب بقاء الوجوب بعد زوال العلم نظير استصحاب نجاسة الكر المتغير بالنجس بعد زوال تغيره وهو ليس بحجة كما تقرر في محله هذا ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط برعاية الترتيب مهما أمكن و هو يحصل فيما لو كان الفائت فريضتين كالظهرين مثلا من يومين مع جهل السابقة ان يصلي ظهرا بين عصرين أو عكسه ولو جامعهما مغرب صلى الثلاث قبل المغرب وبعدها ولو كان معها عشاء من ليلة أخرى صلى السبع قبلها وبعدها ولو انضم إليها صبح صلى الخمس عشرة قبلها وبعدها وهكذا كلما زيدت واحدة يتضاعف التكرير بزيادة الواحدة على النهج المزبور فيحصل الترتيب حينئذ لا محالة ولكن لا يخفى عليك ما في تحصيل الترتيب بهذه الكيفية وان ذكره غير واحد لدى كثرة الفوائت من الحرج بل الاستحالة فإنه إذا بلغ عددها الألف مثلا لو عاش اضعاف ما مضى من عمره واشتغل كله بالصلاة لا يكاد يخرج عن عهدته كما لا يخفى على من له أدنى التفات إلى ما يقتضيه المضاعفة وأيسر طرق تحصيل الترتيب انه إذا بلغ الفوائت خمسا فما زاد ان يصلي عن كل فريضة صلاة يوم فمن كان عليه خمس فرائض يقضي صلاة خمسة أيام وهي خمس و عشرون فريضة وثلاثون لمن عليه ست وخمس وثلاثون لمن عليه سبع وهكذا فيحتاط لكل فائتة بالفرائض الخمس اليومية فتصح منها واحدة لا محالة وربما يمكن تحصيل الجزم بحصول الترتيب بأقل من ذلك كما لو تمكن من حصر زمان فواتها بما دون ذلك كما لو علم مثلا ان عليه خمسين فائتة وقد فاتته جميعها في سفر لا تزيد مدتها عن شهر فيقضي حينئذ شهرا احتياطا فيحصل له الجزم بوقوع الجميع مرتبة ضرورة انه لو فاتته جميع صلواته في تلك المدة لم يكن مقتضيا الأزيد من ذلك فكيف مع وقوع بعضها في وقتها صحيحة فما وقعت في وقتها صحيحة يقع قضائها لغوا وما فاتته يتداركه القضاء كما فاتته مرتبة كما لا يخفى وهل يجوز بناء على المختار من عدم وجوب مراعاة الترتيب حال الجهل مخالفته عمدا كما لو كان عليه صلوات كثيرة تامة ومقصورة أو ثنائية وثلاثية ورباعية فقدم نوعا منها جميعها على الاخر مع علمه بعدم كون مجموع ما فاتته من هذا النوع متقدما على الاخر في الفوات وجهان من خروج مثل هذه الفروض عما هو المنساق من مورد النصوص الامرة بالترتيب فمقتضى الأصل عدم اعتباره وقضية ذلك جواز مخالفته عمدا ومن امكان دعوى ان المتبادر من النصوص كونها مسوقة لبيان اعتبار الترتيب بين الفوائت وعدم جواز تقديم اللاحقة على السابقة غاية الأمر انها منصرفة في صورة العلم بالترتيب لا مطلقا فبالنسبة إلى ما يعلمه لا يجوز اهماله وكيف لا مع أن الوارد في الاخبار هو الامر بالبدأة بالسابقة وقد فهم منه المشهور ازادة الترتيب وانه لو عكس تبطل اللاحقة فمرجعه لدى التحليل إلى الامر بتأخير اللاحقة ويكون الامر بالبدأة بالسابقة توطئة لذلك فمتى عرف اللاحقة لم يجز تقديمها على السابقة سواء عرف السابقة تفصيلا أم لا فإذا علم بان الفائتة المقصورة مثلا كانت اخر الفوائت أو في الأثناء لم يجز ان يأتي بها في الابتداء فله لذي الجهل بالترتيب رأسا ان يأتي بعدة افراد من نوع كفريضة الصبح مثلا ما لم يعلم بحصول المخالفة فإذا بلغ إلى حد يعلم بالمخالفة وجب الشروع في نوع اخر حتى لا يقدم ما يعلم بتأخره عن غيره في الفوات وهذا الوجه ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط كما أن الأقوى فيما لو علم بترتيب بعضها دون بعض وجوب رعاية الترتيب فيما يعلم سواء كان علمه تفصيليا بان علم أن أول ما فاتته هي فريضة الصبح مثلا أو هي مع الظهر أو مجموع الفرائض الخمس مرتبة ثم فرائض اخر غير معلومة الترتيب أو اجمالا بان علم أن كل عصر فاتته كانت مسبوقة بظهر فلا يجوز له حينئذ تقديم عصر على ظهر لعلمه بمخالفة الترتيب تفصيلا وأما لو علم اجمالا بوقوعهما في يوم أو يومين كذلك أو بفوات الفرائض الخمس مرتبة في يوم مثلا من غير أن يميزه من سائر الأيام التي حصل فيها الفوات فالأظهر كونه كصورة الجهل بالترتيب رأسا فإنه حال تشاغله بالفعل لا يميز اللاحقة عن سابقتها حتى يتنجز في حقه التكليف بتأخير بعضها عن بعض فهو من أصناف الجاهل الذي ادعينا قصور الامر بالترتيب عن شموله نعم لو قلنا بان مستند نفي الترتيب حال الجهل دليل الحرج اتجه الالتزام في مثل الفرض بوجوب مراعاته في الجملة بان يأتي بمقدار ما يعلمه بالاجمال وبذلك الترتيب الذي علمه اجمالا في أثناء تشاغله بالقضاء بحيث احتمل موافقته للواقع فان دليل نفي الحرج انما يقتضي في مثل المقام نفي لزوم الموافقة القطعية المتوقفة على التكرار الموجب للحرج دون حرمة المخالفة القطعية التي لا حرج في تركها كما تقرر في محله. فرع هل يجب مراعاة الترتيب على القاضي عن الغير قال في الجواهر ما لفظه ثم إن الظاهر عدم الفرق في مراعاة الترتيب في القضاء مع العلم به بين ان يتولاه بنفسه وبين ان يتولاه عنه وليه بعد موته أو متبرع أو مستأجر ضرورة تأدية هؤلاء تكليفه عنه وتحملهم
(٦١٠)