فهو والا فالقول بكفاية مطلق التلفيق قوى لما دل من إناطة الحكم بحصول الثمانية مع التلفيق مطلقا كصحيحة زرارة كان رسول الله ص إذا اتى ذبابا قصر وذباب أربعة فراسخ من المدينة قال قال وانما فعل ذلك لأنه إذا رجع كان سفره ثمانية فراسخ ونحوها غير واحد من الاخبار وان كان أربعة ولم يرد الرجوع ليومه بنى على المسألة السابقة في كفاية مطلق الرجوع قبل تخلل الإقامة انتهى أقول وربما يشهد أيضا لما قواه من كفاية مطلق التلفيق مفهوم التعليل بشغل اليوم في موثقة ابن مسلم المتقدمة ولا ينافي في ذلك ما أنكرناه في المسألة السابقة من عدم اقتضائه التقصير فيما إذا لم يبلغ مقدار سفره ذهابا ورجوعا بريدين وان تردد في طريقه بأكثر من ذلك كما لا يخفى وقوله ع في خبر إسحاق بن عمار المروى عن العلل الوارد في منتظر الرفقة بعد الحكم بالتقصير ان كانوا بلغوا أربعة فراسخ هل تدرى كيف صار هكذا قلت لا ادرى قال لان التقصير في بريدين ولا يكون التقصير أقل من ذلك فلما كانوا قد ساروا بريدا وأرادوا ان ينصرفوا بريدا كانوا قد ساروا سفر التقصير الحديث وهذه الروايات ظاهرها بواسطة ما فيها من التعليل انه لا مدخلية للبريد من حيث هو في التقصير وان المدار على كون المسافة التي يقطعها في سفره بريدين فإذا ذهب بريدا ورجع بريدا فقد تحقق بمجموع ذهابه ورجوعه ما هو مناط التقصير وقضية العلة المنصوصة ثبوت هذا الحكم في كل مورد تحقق هذا المناط كما لو ذهب ثلاثة فراسخ ورجع خمسة أو بالعكس ولكن قد ينافي ذلك الاخبار التي وقع فيها تحديد التقصير بالبريد وانه أدنى ما يقصر فيه المسافر وانه لما نزل جبرئيل بآية التقصير قال له رسول الله ص في كم ذلك فقال في بريد فقال وكم البريد قال ما بين ظل عير إلى فيئ وعيرران رسول الله صلى الله عليه وآله جعل حد الأميال الذي وضع عليها التقصير من ظل عير إلى ظل وعير إلى غير ذلك من الروايات التي يظهر منها ان البريد من حيث هو له ملحوظية في التحديد بل هو الأصل في ذلك بملاحظة ان من سافر بريدا إذا رجع إلى منزله يكون سفره شاغلا ليومه فيكون كونه كذلك حكمة في هذا الحكم لا علة بحيث يدور الحكم مداره فحد التقصير في الحقيقة هو السفر المحدود بالبريد بشرط كونه عازما على العود أو ما قام مقامه وهو بريد اخر ذاهبا كما أومى إلى ذلك قوله عليه السلام التقصير في الصلاة بريدان أو بريد ذاهبا وبريد جائيا وأوضح من ذلك دلالة على ملحوظية خصوصية البريد حدا في التقصير قوله عليه السلام في رواية الفضل بن شاذان انما وجبت الجمعة على من يكون على فرسخين لا أكثر من ذلك لان ما تقصر فيه الصلاة بريد ذاهبا وبريد جائيا والبريد أربعة فراسخ فوجبت الجمعة على من هو على نصف البريد الذي يجب فيه التقصير وذلك لأنه يجيئ فرسخين ويرجع فرسخين وذلك أربعة فراسخ وهو نصف طريق المسافر إلى غير ذلك من الروايات المشعرة أو الظاهرة في أن لخصوصية كون البريد ذاهبا وجائيا مدخلية في سفر التقصير ولكن مع ذلك كله لا يبعد ان يدعى ان ظهور الروايات المتقدمة المشتملة على التعليل بالبريدين وشغل اليوم في إناطة الحكم بمجموع البريدين من حيث المجموع أقوى من ظهور هذه الأخبار في اعتبار خصوصية البريد لقوة احتمال جرى الخصوصية مجرى الغالب حيث إن الغالب اتحاد طريق الذهاب والعود أو تقاربهما من حيث المسافة ولكن قد يوهن ظهور التعليل أيضا كون خصوص البريد مفروضا في مورده في جميع تلك الروايات فهذا أيضا مما يؤيد ظهور اخبار البريد في ملحوظية الخصوصية وعدم كون العلة مستقلة بالعلية من دون ملاحظة خصوصيات موردها خصوصا بعد مخالفته لظاهر فتاوى الأصحاب وصريحها فيشكل رفع اليد عن اصالة التمام تعويلا على هذا الظهور بعد معارضته بما عرفت فالانصاف ان الحكم موقع تردد فلا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع بين القصر والاتمام في جميع موارد التلفيق الذي يكون ذهابه أو عوده أقل من أربعة فراسخ وان رجع ليؤمه ثم إن في المسالك بعد ان حكم بعدم الترخص في الفرض قال ومن هذا الباب ما لو سلك مسافة مستديرة فان الذهاب ينتهى فيها بالمقصد وان لم يسامت قطر الدائرة بالنسبة إلى محل المسافر والعود هو الباقي سواء زاد أم نقص هذا مع اتحاد المقصد ولو تعدد كان منتهى الذهاب اخر المقاصد ان لم يتحقق قبله صورة الرجوع إلى بلده عرفا والا فالسابق وهكذا ويحتمل كونه اخر المقاصد مطلقا انتهى وهو جيد ولكن هذا فيما إذا كان له مقصد أو مقاصد في أثناء هذه المسافة المستديرة واما لو فرض انه لم يقصد بمسافرته الا طي نفس هذه المسافة كما لو تعلق غرضه بمعرفة مقدار مساحتها ليبنى حولها بناء مثلا ففي هذه الصورة حيث لم يتعلق غرضه بالسير إلى موضع مخصوص منها بحيث يقال عرفا سار إليه ورجع عنه بل كل جزء من اجزائها على حد سواء في كونه مقصودا بالسير إليه والتعدي منه تبعا لمقصده الأصلي الذي هو الإحاطة بمجموعها في السير فقد يقوى في النظر كونها ملحقة بالمسافة الامتدادية في الحكم فيجب التقصير فيها إذا بلغ مجموعها ثمانية فراسخ وان لم يرجع ليومه سواء اعتبرنا الرجوع في اليوم في الملفقة أم لا إذ ليس لها رجوع مستقل بالملاحظية لدى العرف كي ينقل عندهم بحدين مجموعها عرفا وعقلا مسافة واحدة محدودة بثمانية فراسخ فيعمها الروايات الدالة على وجوب التقصير في الثمانية أو بريدين أو بياض يوم وانصرافها إلى المسافة الممتدة ان سلم فبدوى منشأه عليته الوجود والله العالم الشرط الثاني قصد المسافة وهذا مما لا شبهة بل لا خلاف فيه بل قد يقال بان هذا هو معنى اعتبار المسافة هنا إذ لا يعتبر قطعها اجمع نصا وفتوى في صحة التقصير كما ستعرف فالمدار على قصدها فلو قصد ما دون المسافة لم تجدد له واي فقصد أخرى مثلها وهكذا لم يقصر ولو زاد المجموع على مسافة التقصير بلا خلاف فيه على الظاهر بل اجماعاه كما ادعاه في المدارك وغيره ويدل عليه رواية صفوان المتقدمة في المسألة السابقة الواردة في رجل خرج من بغداد يريد ان يلحق رجلا على رأس ميل وقوله عليه السلام في موثقة عمار المتقدمة الواردة في الرجل يخرج في حاجة فيسير خمسة فراسخ ثم يسير خمسة أخرى أو ستة لا يكون مسافرا حتى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ بالتقريب المتقدم فان عاد وقد كملت المسافة فما زاد قصر بلا خلاف فيه على الظاهر لتحقق القصد الذي ثبت بالنص والاجماع شرطية للتقصير فيعمه العمومات الدالة على وجوب القصر في بريد أو مسيرة يوم أو ثمانية فراسخ المقتصر في تقييدها على القصد المفروض حصوله في المقام ودعوى انصراف الذهابية من النصوص مما لا ينبغي الاصغاء إليها خصوصا بعد قضاء الضرورة بشرعية التقصير لبريد الرجوع
(٧٣٠)