إليهم من أن وقتها من الزوال إلى أن يصير ظل كل شئ مثله لما عرفت من أنه ليس في الأخبار ما بقي بذلك تعمده مستندهم لذلك على ما يظهر من كلماتهم دليل التأسي واستقرار سيرة السلف على ايقاع الجمعة في أول الوقت ولكن لا على سبيل المضايقة الحقيقية بحيث ينافي التحديد المزبور وهذا الدليل وان كان مخدوشا كما عرفت ولكنه ان تم فهو بالنسبة إلى أصل الجمعة لا بالنسبة إلى المأموم المسبوق بل السيرة بالنسبة إليه قاضية بعدم مراعاته الا ما هو وظيفته من حيث ادراكه للجماعة وعد به بل لو عولنا في اثبات التوقيت على الأخبار المزبورة الظاهرة في أن وقت الجمعة هو أول الوقت لا يبعد أيضا دعوى كونها مسوقة لبيان وقت صلاة الجمعة من حيث هي على سبيل الاجمال فيشكل استفادة الاطلاق على وجه يتناول المأموم المسبوق الذي يتم صلاته فرادي فيرجع (ح) بالنسبة إليه إلى ما يقتضيه الأصل من في لاشتراط على هذا لو تلبس الامام بالجمعة فيظن السعة فخرج الوقت في الأثناء وقلنا بصحة صلاته اما (مط) كما هو ظاهره المصنف في الكتاب أو بشرط ادراكه ركعة كما التزم به غير واحد من المتأخرين ثم لحقه المأموم في الركعة الثانية صحت صلاته وأتمها جمعة خلافا لصريح بعض فاعتبر في صحيحة صلاته كل من الإمام والمأموم ادراك ركعة في الوقت ففي مثل الفرض ان أدرك الامام ركعة من الوقت صحت صلاته وصلاة كل من لحقه بهذه الركعة لقاعدة من أدرك دون من لحقه بالثانية التي تقع في خارجه الوقت واستشكل في الجواهر في الجميع بناء منه على عموم ما دل على شرطية الوقت بالنسبة إلى الإمام والمأموم وعدم وضوح شمول قاعدة من أدرك لوقت الجمعة وهو لا يخلو من وجه بعد تسليم عموم في أدلة الاشتراط فليتأمل ثم الجمعة لا تجب أو لا تصح الا بشروط الأول السلطان العادل أو من نصبه لها بلا خلاف محقق بين قدماء أصحابنا وان حكى عن بعض من المتأخرين نسبة الخلاف فيه إلى كثير من القدماء ولكن المتصدين لتصفح كلماتهم أنكروا ذلك عليهم وخطاؤهم في هذه النسبة كما يؤيده تواتر نقل اجماعهم عليه من رؤساء المذهب كالشيخ في الخلاف حيث قال على ما حكى عنه ما لفظه من شرط انعقاد الجمعة الامام أو ممن يأمره الامام بذلك من قاض أو أمير أو نحو ذلك ومتى أقمت بغير امره لم تصح وبه قال الأوزاعي وأبو حنيفة وقال محمد ان مرض الامام أو سافر أو مات فقدمت الركعة من يصلي بهم الجمعة صحت لأنه من موضع ضرورة وصلاة العيدين عندهم مثل الجمعة وقال الشافعي ليس من شروط الجمعة الامام ولا امر الامام ومتى اجتمع جماعة من غير امر الامام فأقاموها بغير اذنه جاز وبه قال احمد ومالك دليلنا انه لا خلاف انها تنعقد بالامام أو بأمره وليس على انعقادها إذا لم يكن امام أو امره دليل إلى أو قال وأيضا عليه اجماع الفرقة فإنهم لا يختلفون من شرط الجمعة الامام أو امره قال أيضا وأيضا فإنه اجماع فإنه من عهد النبي عليه وعلى اله السلام إلى وقتنا هذا ما أقام الجمعة الا الخلفاء والامراء ومن ولى الصلاة فعلم أن ذلك اجماع أهل الاعصار ولو انعقدت بالرعية لصلوها كذلك وعن الغنية واما الاجتماع في صلاة الجمعة فواجب الا ان وجوبه يقف على شروط وهي الذكورة إلى أن قال وحضور الإمام العادل أو من نصبه إلى أن قال كل ذلك بدليل الاجماع المشار إليه وعن السرائر والذي يقوى عندي صحة ما ذهب إليه من مسائل الخلاف وخلاف ما ذهب إليه في نهايته للأدلة التي ذكرها من اجماع أهل الاعصار وأيضا فان عندنا بلا خلاف بين أصحابنا ان من شرط انعقاد الجمعة الامام أو من نصبه الامام للصلاة وعن المعتبر السلطان العادل أو نائبه شرط في وجوب الجمعة وهو قول علمائنا ثم حكى القول بعدم الاشتراط عن الشافعي وعن العلامة في التحرير من شرائط الجمعة الإمام العادل أو من نصبه فلو لم يكن الامام ظاهر أو نائبا له سقط الوجوب وعنه أيضا في المنتهى والتذكرة ونهاية الاحكام نسبته إلى علمائنا أجمع وعن الذكرى وجامع المقاصد وغير ذلك مما لا حاجة إلى استقصائه أيضا دعوى الاجماع عليه وذهب جماعة من المتأخرين وفاقا للشهيد الثاني في رسالة الفيافي هذه المسألة التي نفي الاشتراط عليها ويظهر من المدارك اختياره فإنه وان لم يصرح به في هذا المقام بل اقتصر على تضعيف أدلة القائلين بالاشتراط حتى الاجماعات المحكية عليه باثبات وجود المخالف ولكنه ذكر في صدر المبحث بعد ان أورد جملة من الروايات الدالة على وجوب الجمعة ما لفظه فهذه الأخبار الصحيحة الطرق الواضحة الدلالة على وجوب الجمعة على كل مسلم عدى ما استثنى يقتضي الوجوب العيني إذ لا اشعار فيها بالتخيير بينها وبين فرد اخر إلى أن قال وليس فيها دلالة على اعتبار خصوص الامام عليه أو نائبة بوجه بل الظاهر من قوله (ع) فإن كان لهم من يخطب بهم جمعوا وقوله (ع) فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم خلافه كما سيجئ تحقيقه انشاء الله قال جدي قدس سره في رسالته الشريفة التي وضعها في هذه المسألة بعد ان أورد نحو ما أوردنا من الأخبار ونعم ما قال فكيف يسع المسلم الذي يخاف الله تعالى إذا سمع مواقع امر الله ورسوله وأئمته عليهم السلام بهذه الفريضة وايجابها على كل مسلم ان يقصر في امرها ويهملها إلى غيره وبتعلل بخلاف بعض العلماء فيها وامر الله ورسوله وخاصته عليهم السلام أحق ومراعاته أولى فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب اليم ولعمري لقد اصابتهم الأمر الأول فليرتقبوا الثاني ان لم يعف الله ويسامح نسئل الله العفو والرحمة بمنه وكرمه انتهى ما في المدارك وهو كالنص في ارتضائه له واستدل للمشهور بأمور الأول الأصل اي اصالة عدم شرعيتها ووجوبها مع غير الامام على الخلاف الآتي وهذا انما يتجه على تقدير عدم تمامية أدلة القائلين بالوجوب وسيأتي الكلام فيه الثاني الاجماع المدعي في كلمات كثير من أساطين الأصحاب ونوقش فيه بظهور كلمات كثيرة من القدماء والمتأخرين أو صراحتها في خلافه وقد تكلف غير واحد من متأخري المتأخرين ممن حاول الاثبات كون المسألة اجماعية عند القدماء لتوجيه كلماتهم بارجاعها إلى المشهور بابداء قرائن من كلماتهم مما لا يترتب على تحقيقها ثمرة مهمة لأنه ان أريد بذلك تحصيل القطع بالموافقة وعدم وجود مخالف أصلا إلى زمان المتأخرين قهرا متعذر والأولى في الجواب عن هذه المناقشة ان يقال إن المدار في حجية الاجماع على ما قررناه في محله واستقر عليه رأى المتأخرين ليس على اتفاق الكل بل ولا اتفاقهم في عصر واحد بل على استكشاف رأى المعصوم بطريق الحدس من فتوى علماء الشيعة الحافظين للشريعة وهذا ما يختلف باختلاف الموارد فرب مسألة لا يحصل فيها الجزم بموافقة الإمام (ع)
(٤٣٦)