التنافي بين الأكل والشرب وبين فعل الصلاة ألجأتهم إلى مثل هذه التكلفات فالانصاف ان فاته البرهان على بطلان الصلاة بالاكل والشرب القليل الغير المنافي لبقائه عرفا متشاغلا بفعل الصلاة وان لا يخلو من اشكال الا ان القول بجوازهما إذا كانا بمقدار يعتد به بحيث يطلق عليه عرفا صدق اسم الأكل والشرب لا مثل ابتلاع حبة حنطة أو قطرة ماء فإنه بحسب الظاهر خارج عن محل الكلام في غاية الجرئة [الا في صلاة الوتر لمن اصابه عطش وهو يريد الصوم في صبيحة تلك الليلة] فيجوز له شرب الماء (ح) [ولكن لا يستدبر القبلة] لو كان صلاته مستقرأ لما عرفت في محله من أن الأظهر اعتبار الاستقبال في النافلة أيضا مع الاستقرار فلا يجوز الاخلال به عمدا واما جواز شرب الماء في الفرض فما لا خلاف فيه في الجملة على الظاهر لما رواه الشيخ باسناده عن سعيد الأعرج قال قلت لأبي عبد الله (ع) اني أبيت وأريد الصوم فأكون في الوتر فأعطش فأكره ان اقطع الدعاء واشرب واكره ان أصبح وانا عطشان وامامي قلة بيني وبينها خطوتان أو ثلاث قال تسعي إليها وتشرب منها حاجتك وتعود في الدعاء ورواه في الفقيه بأسناده عن سعيد الأعرج باختلاف في اللفظ قال قلت لا ببعيد الله (ع) جعلت فداك اني أكون في الوتر وأكون قد نويت الصوم فأكون في الدعاء وأخاف الفجر فأكره ان اقطع على نفسي الدعاء واشرب الماء وتكون القلة امامي قال فقال لي أخط إليها الخطوة والخطوتين والثلاثة واشرب وارجع إلى مكانك ولا تقطع على نفسك الدعاء فالقائلون بعدم جواز الشرب في أثناء الصلاة أصلا التزموا بالتخصيص ههنا لأجل النص ولكن بعضهم اقتصر على خصوص مورد النص وهو حال التشاغل بالدعاء المراد به على الظاهر القنوت المأتي به في مفردتها ولكن ظاهر المتن وغيره التعدي عنه إلى سائر أحوال صلاة الوتر وعن بعض التعدي إلى مصلق النافلة والأول أشبه بالقواعد وان كان سوق التعبير في الرواية يشعر بعدم مدخلية الخصوصية في هذا الحكم وان شرب الماء من حيث هو ما لم يتوقف على المشي الكثير أو غيره من المنافيات غير موجب لانقطاع الصلاة وحكى عن المصنف (ره) في المعتبر انه نقل عن الشيخ في الخلاف أنه قال لا باس بشرب الماء في صلاة النافلة لأن الأصل الإباحة وانما منعناه في الفريضة بالاجماع وقال الشافعي لا يجوز في نافلة ولا فريضة ثم استدل برواية سعيد الأعرج وساق الرواية ثم قال في المعتبر وقوله (ره) منعناه في الفريضة بالاجماع لا يعلم اي اجماع أشار إليه والرواية المذكورة غير دالة على دعواه لأنه ادعى الجواز في النافلة مطلقا والرواية تدل على الوتر خاصة بالقيود التي تضمنها الحديث وهي إرادة الصوم وخوف العطش وكونه في دعاء الوتر ولا يلزم من جواز الشرب على هذا التقدير جوازه في النافلة مطلقا انتهى وهو جيد الا ان يوجه استدلاله بالرواية بما تقدمت الإشارة إليه من أنه يستشعر من الرواية عدم مدخلية الخصوصية فيه وكون الحكم على وفق الأصل [فليتأمل وفي بطلان الصلاة بعقص الشعر للرجل تردد] وخلاف عن الشيخ في جملة من كتبه القول بحرمته وبطلان الصلاة به فعنه في نهاية قال ولا يصلي الرجل وهو معقوص الشعر فان صلى كذلك متعمدا كان عليه الإعادة وعنه في الخلاف أنه قال لا يجوز للرجل ان يصلي معقوص الشعر الا ان يحله ولم يعتبر أحد من الفقهاء ذلك دليلنا اجماع الفرقة وعن الشهيد في الذكرى موافقة مستدلا عليه بالاجماع الذي نقله الشيخ في الخلاف بناء منه على حجية الاجماع المنقول بخبر الواحد ويظهر من المحدث الحر العاملي في وسائله موافقته ويظهر من الحدائق أيضا الميل إليه وان كان يستشعر من ذيل كلامه ان القول بالكراهة لديه اظهر ونسب إلى سلار وأبي الصلاح وأبي إدريس وجمهور المتأخرين القول بالكراهة وربما نسب أيضا إلى ظاهر عبارة المفيد واستدل للقول بالحرمة مضافا إلى الاجماع الذي ادعاه الشيخ في الخلاف بخبر مصادف عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل صلى صلاة فريضة وهو معقوص الشعر قال يعيد صلاته وأجيب عن الاجماع بأنه لا اعتداد بنقله بعد ذهاب المشهور إلى خلافه وعن الرواية بضعف السند مع قضاء العادة بصيرورة مثل هذا الحكم الذي يستبعده العقول مع عموم الابتلاء به في تلك الاعصار كثيرة الدوران في السنة الرواة والأئمة عليهم السلام ووقوع التعرض له في الأخبار بأكثر من ذلك وصيرورته من الضروريات لدى المتشرعة فلا يصح التعلق في اثباته بمجرد ظهور الامر بالإعادة الواردة في رواية فيه مع قبوله للحمل على الاستحباب كما ربما يؤيد هذا الحمل الخبر المروي عن دعائم الاسلام عن علي (ع) قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وآله عن اربع عن تقليب الحصى في الصلاة وان اصلى وانا عاقص رأسي من خلفي وان احتجم وانا صائم وان أخص يوم الجمعة بالصوم فان ظاهره الكراهة وقفية ذلك كون الامر بإعادة الصلاة في خبر مصادف استحبابيا وعن المحدث المجلسي انه لم يستعيد حمله على التقية وهو مناف لما تقدمت حكايته عن الشيخ من تصريحه بأنه لم يعتبر أحد من الفقهاء ذلك فان حمله على التقية على هذا التقدير لا يخلو عن بعد مع أن حمل الامر بالإعادة على الاستحباب أولى من حمله على التقية الذي هو بمنزلة الطرح وكيف كان فقد تلخص مما ذكر ضعف القول بالبطلان وان الأشبه بالقواعد هو الالتزام [بالكراهة] اي كراهة العقص واستحباب إعادة الصلاة الواقعة معه ولكن الاحتياط مما لا ينبغي تركه ثم إن هذا الحكم كراهة أو تحريما انما هو في حق الرجل الاختصاص دليله به فلا كراهة ولا تحريم في حق المرأة بلا خلاف فيه على الظاهر بل اجماعا كما ادعاه غير واحد فيرفع اليد بذلك عن قاعدة الاشتراك مع أن القاعدة في حد ذاتها قاصرة عن اثبات المشاركة في مثل هذا الموارد التي يختلف فيها الصنفان من حيث المناسبة حيث إن عمدة مسندها الاجماع وتنقيح المناط ونحوه من الأدلة اللبية الغير المقتضية لثبوتها في مثل المقام ما لم يتحقق فيه الاجماع (فضلا عن أن يتحقق الاجماع) على عدمه كما في المقام والمراد بعقص الشعر على ما حكى عن جميع من الأصحاب التصريح به كالمصنف في المعتبر والعلامة في التذكرة والمحقق الثاني في جامع المقاصد وحاشيته على الكتاب و الشهيد الثاني في المسالك هو جمعه في وسط الرأس وشده وفى مجمع البحرين أيضا فسره بذلك حيث قال عقص الشعر جمعه وجعله في وسط الرأس و في كشف اللثام بعد ان نقل عن المعتبر والتذكرة انه هو جمع الشعر في وسط الرأس وشدة قال ما لفظه ويقرب منه قول الفارابي والمطرزي في كتابيه انه جمعه على الرأس قال المطرزي وقيل هو ليه وادخال أطرافه في أصوله قلت هو قول ابن فارس في المقائيس قال المطرزي وعن ابن دريد عقصت بشعرها
(٤١٥)