مراد المتكلم بمنزلة الفصول المنوعة للفظة المفصح عن مراده ولذا لو قال زيد مشيرا إلى شئ هذا العمر وقال شخص اخر أيضا مشيرا إلى شئ اخر هذا لعمرو أو مريدا من العمر و غير الشخص الذي اراده زيد لا يصح عرفا حمل أحدهما على الاخر بان يقال هذا مما قاله أو تكلم به زيد فلو نسبه هذا الشخص إلى زيد وقال قال زيد هذا لعمرو مريدا منه غير ما اراده زيد كذب وكذا لو قال قال الله تعالى يا داود انا جعلناك خليفة في الأرض قاصدا بداود شخصا اخر أو من ضمير المتكلم أو من الخليفة معنى اخر يعد ذلك في العرف كذبا وافتراء على الله نعم لو قبل بأنه لم يلاحظ في تسميته القران قرانا الا مجرد ألفاظها المنظومة كساير الاشعار والقصايد المنسوبة إلى ناظمها مما لا يلاحظ في النسبة والتسمية الا مجرد نظمها الصدق عليه في مثل الفرض اسم القران وان لم يصح نسبة القول به إلى الله تعالى كما لو قال شخص مشيرا إلى ابائه بقوله أولئك ليأتي فجيئني بمثلهم صح ان يقال هذا شعر فرزدق أو قوله أو كلامه ولا يصح ان يقال قال فرزدق أولئك آبائي الخ الا ان يشير إلى الاشخاص الذين أشار إليهم الفرزدق أو ينفل لفظه على جهة الاجمال والابهام من غير إشارة إلى شخص حيث إن المتبادر من هذه النسبة إرادة نقل قوله بعينه ومن الأول إرادة كلامه المنظوم من حيث كونه كذلك والحاصل انا ان قلنا بان القران اسم لمطلق هذه الألفاظ المنظومة لا لخصوص نوعها الذي تكلم به الله تعالى صدق على مثل الفرض ولكن الظاهر أنه ليس كذلك بل هو اسم لخصوص الكلام المنزل على النبي صلى الله عليه وآله بالغاء خصوصية الوجودي اي المهية ذلك الكلام الشخص الذي يمتنع دلالتها على غير المعنى الذي دل عليه حين نزول ثم لو سلمنا الصدق فلا دليل على جواز هذا الفرد من القران الذي مو في الحقيقة من كلام المخلوقين مهية ووجودا ولكن يطلق عليه كلام الله بلحاظ جنسه فليتأمل وقد يقال بان المانع عن جوازه عدم جواز اجتماع قصد الحكاية ونقل كلام الله تعالى الذي هو من مقومات مفهوم قراءة القرآن وقصد انشاء مداليل ألفاظها وقرعوا على ذلك عدم جواز قصد الدعاء وطلب الهداية بقراءة الفاتحة وفيه نظر فان تحقق مفهوم الحكاية والنقل الذي يتوقف عليه صدق القراءة لا يتوقف على تعلق القصد بنفس هذا العنون من حيث هو على سبيل الاستقلال كي يتنافى ذلك تعلق قصد استقلال بالنسب الحكمية الواقعة بين ابعاض المقر وإذا القاري قد لا يرى في قرائته الا كون صدور المقر ومن قائله طريقا لاثبات تلك النسب فيقصد بقرائته ايقاع تلك النسب بهذه الطريق فيلاحظها ح نسبا تامة خيرية ثابتة لديه بقوله من ينقل كلامه كما أنه قد يقصد بقرائته ابقاها بعنوان الحكاية والنقل من حيث هو لامر باب الطرقية فيقع تلك النسب ح نسبا غير تامة فمن يقرء عبارة كتاب قد يقصد بقرائته نسبة لفظه أو مضمونه إلى مصنفة وقد يقصد بذلك تفهيم المطالب المدونة فيه كما هو الغالب في تلاوة كتب الاخلاق والرسائل العملية للعوام وقراءة الانسان مصنفاته في مقام الإفادة ففي هذه الصورة أيضا يصدق عليه اسم قراءة ذلك الكتاب إذ لا معنى لقرائته الا حكاية النقوش المدونة فيه باللفظ وهي حاصلة في الفرض غاية الأمر ان عنوان الحكاية غير ملحوظ من حيث هو على سبيل الاستقلال بل آلة لتعقل متعلقاتها والحاصل ان حال المطالب المدونة في الكتب التي يقرئها الانسان حال الصور العملية المرسومة في النفس التي يحكيها للغير فربما يحمل علمه موضوعا للقضية فيخبر عن عمله وقد يرى علمه طريقا فيخبر عن متعلقه حتى أنه كثيرا ما يجعل العلم في مقام التعبير هو المخبرية ولكنه لا يقصد به الا الطريقة المحضة كما أنه كثير اما بقول قال الله تعالى كذا والإمام عليه السلام أو المجتهد كذا ولا يقصد بهذه النسبة الا محض الطريقية الغير المنافية لتعلق قصد استقلالي مفاهيم متعلقاتها وملخص الكلام ان قصد مداليل ألفاظ القران مستقلا حال قرائته ليس منافيا لصدق اسم القراءة بل القراءة العارية عن هذا القصد مجرد صورة لا يترتب عليها كثير فائدة كيف وقد ورد في بعض الأخبار المتقدمة في مبحث القراءة تعليل الامر بقراءة الفاتحة في ابتداء القراءة الواجبة في الصلاة كما في خبر الفضل بن شاذان والاجتزاء بها عن التسبيح والتحميد في الأخيرتين كما في صحيحة عبيد بن زرارة باشتمالها على الثناء والذكر والدعاء فكيف يصح ان يراد منها محض الحكاية بل كيف يعقل ان يكون ايقاعها على الوجه الذي علل به طلبها مفسدا لها بل الغالب فيمن يقرء القران ويعقل معانيه عدم التفات ذهنه تفصيلا إلى وجه عمله الذي هو عنوان الحكاية حتى يأخذه طرفا للنسبة فيقصد ح بألفاظه انشاء مفاهيمها بصرف طبعه كما لا يخفى على من راجع وجدانه عند تلاوته الآيات المتضمنة لنقل القصص والحكايات والمواعظ والاحكام فالأظهر في لتنافي بين قصد المفاهيم التي تضمنها القران وبين القصد الاجمالي الباعث له على اختياره امتثالا للامر بقراءة فليتدبر والله العالم ثم إن المدار في قاطعية الكلام انما هو بحصوله عمدا واما لو صدر سهوا فليس بقاطع بلا خلاف على الظاهر ويشهد له جملة من الأخبار منها صحيحة عبد الرحمن من الحجاج قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة يقول أقيموا صفوفكم قال يتم صلاته ثم يسجد سجدتين فقلت سجدتا السهو قبل التسليم أو بعده قال بعد وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال في الرجل يسهو في الركعتين ويتكلم يتم ما بقي من صلاته تكلم أو لم يتكلم ولا شئ عليه وفي صحيحة فضيل بن يسار المتقدمة في مسألة قاطعيته الحدث قال وابن علي ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمدا وان تكلمت ناسيا فلا شئ عليك وفي مرسلة الفقيه المتقدمة في صدر المبحث من تكلم في صلاته ناسيا كبر تكبيرات ومن تكلم في صلاته متعمدا فعليه إعادة الصلاة وخبر عقبة بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل دعاه رجل وهو يصلي فسهى فاجابه بحاجته كيف يصنع قال يمضي في صلاته ويكبر تكبيرا كثيرا وفي حكمه ما لو ظن الفراغ من الصلاة فتكلم على الأشهر الأظهر كما يدل عليه اخبار مستفيضة وحكى عن الشيخ في النهاية القول بالبطلان وسيأتي تحقيقه انشاء الله في مباحث الخلل تنبيه حكى عن المنتهى أنه قال ولو تكلم مكرها ففي الابطال به تردد ينشأ من كون النبي صلى الله عليه وآله جمع بينه وبين الناس في العقود والأقرب البطلان لأنه تكلم عامدا بما ليس من الصلاة والاكراه لا يخرج الفعل عن التعمد انتهى وعن الذكرى أنه قال لو تكلم مكرها ففي الابطال وجهان نعم لصدق تعمد الكلام ولا لعموم ما استكرهوا عليه نعم لا يأثم قطعا وقال في التذكرة يبطل لأنه مناف للصلاة فاستوى فيه الاختيار وعدمه كالحديث وهو قياس مع الفرق فان نسيان الحدث مبطل الا الكلام ناسيا انتهى أقول قد مر مرارا الإشارة إلى حكومة حديث
(٤٠٨)